محمد جواد الحسيني الجلالي
هذا العنوان يطلق علي عدّة مؤلّفات صَنّفها العلماء في الحديث وغيره، علي اختلاف مقاصدهم وأغراضهم في تصنيفها وجمعها وترتيبها، فمنهم: من ذكر فيها أحاديث التوحيد وإثبات الصفات، ومنهم: من خصّها بأحاديث الأحكام، ومنهم: من اقتصر علي المواعظ والرقائق، ومنهم: من قصد جمع ما هو عالي السند، إلي غير ذلك، وسمّي كل واحد منهم كتابه بـ «كتاب الأربعين».
والأصل في ذلك كلّه ما ورد في الحديث الشريف: «من حفظ علي اُمّتي أربعين حديثا ممّا يحتاجون إليه في أمر دينهم بعثه اللّه عزّوجلّ يوم القيامة فقيها عالما»2.
وهذا الحديث روي عن جمعٍ من الصحابة، منهم: أميرالمؤمنين عليهالسلام ، وعبد اللّه بن مسعود، ومعاذ بن جبل، وأبوالدرداء، وأبوسعيد، وعبداللّه بن عباس، وابنعمر، وأنس بن مالك، و أبوهريرة، وغيرهم.
وقد كثر التأليف في الأربعين إلي حدّ يتعذّر إحصاؤه ، وإن انبري جمع من أعلام الاُمّة إلي محاولة محدودة في ذلك، فقد عدّ العلامة الطهراني ما وصل إليه من مؤلّفات الإمامية في الأربعين، فبلغت ستّا وثمانين كتابا3.
وأحصي الكاتب الچلبي عدد ما ألّفه أهل السنة في هذا الموضوع فبلغ تسعا وخمسين كتابا ورسالة4، وألحق بها في كشف الظنون خمسا وعشرين رسالة5.
………………………………………………………………………………………….
1 ويرايش اين مقاله به عهده مؤلف بوده است.
2 . عوالي اللآلي 1: 95، ح 1.
3 . انظر الذريعة إلي تصانيف الشيعة 1: 409 ـ 424.
4 . كشف الظنون عن أسماء الكتب والفنون 1: 52 59 .
5 . ذيل كشف الظنون 3: 53 ـ 56 .
وأورد العلامة الدهسرخي في كتابه «إيضاح الطريقة إلي تصانيف أهل السنة والشيعة» قائمة بأسماء ما وقف عليها من كتب الأربعين خلال الكتب الثلاثة المتقدمة فبلغت مئة أربع وتسعين كتابا ورسالة1.
وخصص السيد الرفاعي في كتابه «معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت» صفحات لهذا العنوان، فاستغرق تعداد كتب الأربعين صفحات كثيرة من كتابه2.
تطوّر رواية الأربعين حديثا
مرّت رواية الأربعين حديثا بتطوّرات عديدة، تدخّلت فيها اُمور، منها حاجة الاُمّة المتغيّرة، والمستوي الثقافي للناقل والمنقول اليه، وأهميّة الموضوع أو المواضيع في نظر الناقل أو المنقول إليه، وغير ذلك.
وأول من نبّه الي وجود حديث واحد يشتمل علي أربعين أمرا هامّا من امور المسلمين رواه الخاصة والعامّة بطرقهم عن الرسول الكريم صلياللهعليهوآله 3، فيها المجالات اللازم تذاكرها بين الاُمّة، وهي: العقائد، والعبادات، والسياسات (أدب المعاشرة) هو سماحة العلامة السيد محمدحسين الجلالي وقد تناول متن الحديث وشرحه بكتاب كبير باسم: «شرح الأربعين النبويّة» طبع مرّات عديدة في قم وبيروت4، وانبري بعض العلماء إلي تطوير الفكرة وكتابة أحاديث مستقلّة في المواضيع التي أشار إليها النبي صلياللهعليهوآله في حديثه «الأربعون حديثا»، فصار أربعون حديثا مستقلاًّ يتكفّل الأهداف المتوخّاة من حديث الأربعين.
ثم طرأ تقدّم آخر في عرض الأحاديث المذكورة، وهو أنّه حاول بعض العلماء تخصيص كلّ فقرة من فقرات الأربعين النبوية بذكر أربعين حديثا في موضوعه، فظهرت مؤلّفات باسم الأربعين تتناول موضوعا خاصّا، وذلك مثل «الأربعون الاُصول»5 «والأربعون الالهيّات»6
………………………………………………………………………………………….
1 . إيضاح الطريقة إلي تصانيف أهل السنة والشيعة، في تلخيص كشف الظنون وذيله والذريعة: 79 ـ 84.
2 . معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت عليهمالسلام 10: 206 ـ 241 و12: 500 ـ 504.
3 . رواه من الخاصة الشيخ الصدوق في الخصال: 543 ـ 545، ومن العامة الرافعي في التدوين 3: 372.
4 . طبع «شرح الأربعين النبويّة» مرّات عديدة، منها في قم سنة 1391ه·· وبيروت ـ مؤسسة الأعلمي للمطبوعات سنة 1407ه·· = 1987م، كما وترجم قسم السياسات منه إلي الفارسية، وقام بترجمته الشيخ جواد بيات والشيخ محمد آذربايجاني وطبع في طهران بعنوان «آداب معاشرت در اسلام» سنة 1372ش، واعيد طبعه مرّات منها في شيكاغو سنة 1414ه··. .
5 . معجم ما كتب عن الرسول و أهل بيته عليهمالسلام 12: 500، الرقم 25788.
6 . نفس المصدر 12 : 500 ، الرقم 25790 .
و«الأربعون في التوحيد»1 و«الأربعون في العدل»2 و«الأربعون المسمّاة بالدّرة المضيئة في الصلاة علي خير البريّة»3 و«الأربعون حديثا في المهدي»4، وغيرها.
أو اختصت بأحاديث صحابي واحد، مثل «الأربعون حديثا رواية أميرالمؤمنين علي بن ابيطالب»5، أو في فضل صحابي خاص مثل «الأربعون في مناقب فاطمة الزهراء عليهاالسلام »6، أو جمع في كتابه ما يرتبط بكيفيّة الرواية، أو في نحو روايته «الأربعون المسلسلة»7، و«الأربعون المسلسلة بالمحمدين»8 إلي غير ذلك من أنواع كتب الأربعين.
ثم أنبري بعضهم إلي إضافة خصوصيّات أكثر علي مرويّات الأربعين، فخصّ الرواية لكل حديث من طريق واحد، فألّف الأربعين عن الأربعين، فـصار: «أربعون حديثا عن أربعين طريقا»، وأقدم ما وصل إلينا بهذه الخصوصية هو كتاب الشيخ ابي محمد عبدالرحمن بن أحمد بن الحسين بن أحمد النيسابوري الخزاعي (المتوفي بعد سنة 476ه·· )9 من تلامذة الشيخ الطوسي (المتوفي سنة 466 ه·· )10 من أهل «ري» ومن أعلم الناس بالحديث وأبصرهم برجاله، وقيل: إنّه كان في مجلسه أكثر من ثلاثة آلاف محبرة، وكان يحفظ مئة ألف حديث11، فقد ألّف كتاب: «الأربعين عن الأربعين في فضائل أميرالمؤمنين عليهالسلام » وهو أربعون حديثا عن أربعين شيخا من مشايخه12.
وبمراجعة الفهارس والأثبات وقفنا علي مؤلّفات عديدة من هذا النوع ورد أسماء بعضها في معجم ما كتب عن الرسول وأهل بيته ج 12، ص 500 ـ 502. بالأرقام 12169 و12170 و25890 ـ 25897.
………………………………………………………………………………………….
1 . نفس المصدر 12: 501 الرقم 25901.
2 . نفس المصدر 12: 502 الرقم 25906.
3 . نفس المصدر 12: 502 الرقم 25924.
4 . نفس المصدر 12: 501، الرقم 22299 و22300.
5 . نفس المصدر 12: 500، الرقم 12167.
6 . نفس المصدر 12: 501، الرقم 11445.
7 . نفس المصدر 12: 502 الرقم 25922.
8 . نفس المصدر 12: 502، الرقم 25923.
9 . لم نقف علي وفاته بالضبط، إلا أنّه أملي في مسجده بالري حديثا علي الفقيه الشيخ أبي الحسن عليبن الحسين الجاسبي في سنه 476 ه·· ، اُنظر كتاب النقض: 529.
10 . للتفصيل عن حياته، راجع: امل الآمل 2: 48، منتهي المقال: 173، جامع الرواة 1: 446، روضات الجنات: 479، تنقيح المقال 2: 24، أعيان الشيعة 7: 464.
11 . انظر مقدمة كتابه «الأربعين عن الأربعين»: 11 و12.
12 . طبع هذا الكتاب بتحقيق المحقق الشيخ محمد باقر المحمودي، طبعة اولي في طهران سنة 1414.
ثمّ حصل تطوّر آخر انطلاقا من هذا الكتاب بالذات، حيث إنّ الشيخ منتجب الدين الرازي حضر مجلس أبي القاسم يحيي بن محمد بن علي بن محمد بن المطهر الأرقط ـ من أحفاد الإمام زين العابدين عليهالسلام ـ فعرض عليه كتاب الخزاعي النيسابوري، فعزم الشيخ منتجب الدين علي تطوير ذلك في كتاب أسماهُ: «الأربعين عن الأربعين من الأربعين في فضائل أميرالمؤمنين عليهالسلام » وهو أربعون حديثا عن أربعين شيخا من طريق أربعين صحابيا.
وممّن حذي حذوه في هذا المجال الشيخ أبوالفتح محمد بن أبي جعفر محمد بن علي بن محمد الطائي الهمداني (المتوفي سنة 555 ه·· )، في كتابه «الأربعون الطائيّة»1، وأبو الربيع سليمان بن موسي بن سالم بن حسّان الحميري الكلاعي الأندلسي (المتوفي سنة 634 ه·· )2 وغيرهما3.
هذا، ووعد المؤلّف منتجب الدين أن يطوّر الفكرة ثالثة، حيث قال في آخر الحديث «40» من كتابه: «ولو سهّل اللّه تعالي وأعطاني المهل، وأخّر الأجل أضفت إلي كتاب فهرس علماء الشيعة ما شذّ عنّي بحيث يصير مجلّدا ضخما إن شاء اللّه4، وأضيف إلي ما سبق منّي من الأربعين كتاب: «الأربعين عن الأربعين من الأربعين مع الأربعين في مناقب أميرالمؤمنين عليهالسلام »5، ولكن لم نقف له علي تأليف له بهذا العنوان، ولعلّه كتبه وفقد، شأنه شأن الكثير من تراثنا، فإنّ المؤلّف عاش بعد الانتهاء من الكتاب الأوّل زهاء عشرين عاما6.
عدد الأربعين
إنّ تركيز الرسول الأعظم صلياللهعليهوآله علي هذا العدد بالذات في حديثه الشريف، وتقيّد العلماء بالحفاظ علي هذا العدد في مؤلّفاتهم وشروحهم، لابدّ وأن يكون نابعا عن خصوصيّة في هذا العدد، يتميّز بها عن سائر الأعداد والأرقام؛ فإنّ النصوص الشريفة أكّدت علي إثبات هذا الرقم
………………………………………………………………………………………….
1 . كشف الظنون 1: 56.
2 . ذيل كشف الظنون 3 : 54 .
3 . راجع معجم ما كتب عن الرسول وأهل بيته عليهمالسلام 2: 501.
4 . قال عنه السيد الخونساري في روضات الجنات 4: 318: « إنّ المؤلّف عزم علي أن يكتب أربعين حديثا عن أربعين شيخا عن أربعين صحابيا من أربعين كتابا» . وأشار اليه الزركلي في الاعلام 5: 125.
5 . انظر خاتمة الحديث (40) من هذا الكتاب.
6 . حيث أن عبد الكريم الرافعي ( المتوفي سنة 623 ه·· ) قرأ هذا الكتاب علي مؤلّفه بالري سنة 584 ه··، والمؤلّف كان حيّا إلي سنة 600 ه·· ، فقد نقل الحافظ صائن الدين محمد بن ابي القاسم في كتابه «الجمع المبارك والنفع المشارك» أنّه: «أجاز إجازة عامة سنة 600، وله كتاب الأربعين عن الأربعين، رواه عنه مجد الدين أبو المجد محمد بن الحسين القزويني (المتوفي سنة 622 ه··) ».
الخاص في تضاعيفها.
ومن تلك النصوص مايطالعنا به القرآن الكريم، من قوله تعالي في السورة التي يذكر فيها البقرة: «وَاِذ واعَدْنَا مُوسي أربَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتّخَذْتُم الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأنْتُمْ ظَالِمُونَ»1.
وفي السورة التي يذكر فيها المائدة قوله تعالي: «فَاِنَّهَا مُحَرَّمة عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَة يَتِيهُونَ فِي الأرضِ فَلا تَأسِ عَلَي الْقَوْمِ الفَاسِقِينَ»2.
وفي السورة التي يذكر فيها الأعراف قوله تعالي: «وَوَاعَدْنَا مُوسي ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَاتْمَمْناها بِعَشَرٍ فَتَمَّ مَيقاتُ رَبِّهِ أرْبَعِينَ لَيْلَة وَقَالَ مُوسي لأخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَاَصْلِحْ وَلاَتَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِديِن»3.
وفي السورة التي يذكر فيها الأحقاف قوله تعالي: «وَوَصَّيْنَا الاِْنْسَانَ بِوَالِدَيهِ اِحْسانا حَمَلَتْهُ اُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْها وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُوْنَ شَهْرا حَتّي اِذَا بَلَغَ اَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنَي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الّتي أَنْعَمْتَ عَلَيّ وَعَلي والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلُ صَالِحا تَرضَاهُ»4.
وأمّا السّنة الشريفة، فقد أوردت هذا العدد بتعابير مختلفة تشترك كلّها في التأكيد علي هذا الرقم الخاص، نورد هنا نماذج:
منها: إنّ اللّه تعالي خلق آدم عليهالسلام في فترات حدّدت كلّ واحدة بأربعين صباحا5.
خلق اللّه البيت الحرام قبل الأرض بأربعين عاما6.
وراء شمسنا هذه أربعون عين شمس، ما بين شمس إلي شمس أربعون عاما7.
بكي آدم عليهالسلام علي الجنّة أربعين صباحا8.
بكي آدم عليهالسلام علي ولده هابيل أربعين ليلة9.
بكي داود عليهالسلام علي الخطيئة أربعين يوما10.
………………………………………………………………………………………….
1 . البقرة: 51.
2 . المائدة: 26.
3 . الاعراف: 142.
4 . الاحقاف: 15.
5 . البحار 5: 257 .
6 . معجم البلدان 3: 467.
7 . البحار 27: 45.
8 . البحار 11: 161.
9 . البحار 11: 44 و226 و230.
10 . البحار 53: 236.
بكي نوح عليهالسلام أربعين سنة لتعييره كلبا حتي تاب اللّه عليه1.
لما أراد اللّه إهلاك قوم نوح عقّم أرحام النساء وأصلاب الرجال أربعين سنة2.
انهمار الماء من السمآء في زمن نوح عليهالسلام أربعين صباحا .3
كان بين رؤيا يوسف عليهالسلام وتحقّقها أربعين سنة4.
لبث يونس عليهالسلام في بطن الحوت أربعين صباحا5.
أوتي موسي عليهالسلام الحكمة والعلم عند بلوغه أربعين سنة6.
أملي اللّه لفرعون قبل أن يأخذه بنكال الآخرة والأولي أربعين سنة7.
بقاء قوم موسي عليهالسلام في التيه لمخالفتهم موسي عليهالسلام أربعون سنة8.
احتباس الوحي عن موسي أربعون يوما9.
كان سنّ النبي صلياللهعليهوآله عند البعثة أربعون عاما10.
قول النبي صلياللهعليهوآله في الحديبية: «لو أنّ معي أربعون رجلاً لخالفته»11.
احتباس الوحي عن النبي صلياللهعليهوآله أربعون يوما12.
اعتزال النبي صلياللهعليهوآله خديجة أربعين يوما تمهيدا للحمل بالزهراء عليهاالسلام 13.
تلي النبي صلياللهعليهوآله آية التطهير علي باب علي وفاطمة عليهاالسلام أربعين صباحا14.
أمر النبي صلياللهعليهوآله بحفر الخندق عام الأحزاب، وتفويض كلّ أربعين ذراعا منه إلي عشرة رجال.
رمي علي عليهالسلام باب خيبر خلفه أربعين ذراعا15.
………………………………………………………………………………………….
1 . المستدرك 11: 244 .
2 . البحار 5: 283 و11: 300 و312.
3 . البحار 11: 212.
4 . البحار 61: 223.
5 . البحار 14: 104 و15: 406.
6 . البحار 13: 8.
7 . البحار 13: 128.
8 . البحار 13: 129.
9 . البحار 13: 8.
10 . البحار 61: 178.
11 . البحار 20: 47.
12 . البحار 16: 136.
13 . البحار 16: 79.
14 . البحار 35: 213 .
15 . البحار 21: 18.
لحقت فاطمة عليهاالسلام برسول اللّه صلياللهعليهوآله بعد أربعين يوما من وفاته1.
قول علي عليهالسلام يوم السقيفة: «لو كنت في أربعين رجلاً لفرّقت جماعتكم»2.
ارتضاع الحسين عليهالسلام من إبهام النبي صلياللهعليهوآله أربعون يوما3.
بكاء السماء علي الحسين عليهالسلام أربعين صباحا4.
بقاء أربعين ألف ملك عند قبر الحسين عليهالسلام يبكونه5.
حجّ الامام زين العابدين عليهالسلام علي ناقته أربعين حجّة6.
تطـوّر الجنيـن فـي أوائـل نمـوّه فـي فتـرات كـلّ منها أربعين يوما، وتكامله في أربعة أشهر7.
علي كلّ إنسان أربعين جُنّة من اللّه إلي أن يقترف أربعين كبيرة8.
المؤمن يذكّر بالبلاء في كلّ أربعين يوم9.
كمال عقل الإنسان عند بلوغه أربعين سنة10.
يأمن المؤمن من الجنون والجذام والبرص إذا بلغ أربعين عاما11.
الإنسان في فسحة إلي أن يبلغ الأربعين، ثم يشدّد عليه في الحساب12.
قول النبي صلياللهعليهوآله في أبناء الأربعين: «زرع قد دني حصاده»13.
من اغتاب مسلما أو مسلمة لم يقبل اللّه منه صلاة ولا صيام أربعين يوما وليلة14.
اليمين الغموس ينتظر بها أربعين يوما15.
من أكل لقمة من حرام لم تقبل صلاته أربعين ليلة16.
………………………………………………………………………………………….
1 . البحار 36: 264 و43: 99.
2 . البحار 28: 282 وانظر سفينة البحار 3: 282.
3 . البحار 43: 253.
4 . البحار 13: 104.
5 . مناقب ابن المغازلي: 397.
6 . البحار 46: 149.
7 . المستدرك 5: 266.
8 . البحار 73: 354 و75: 216.
9 . البحار 67: 237 و81: 181.
10 . البحار 13: 50.
11 . البحار 6: 119 و73: 389.
12 . البحار 73: 388 .
13 . البحار 73: 389.
14 . البحار 75: 258.
15 . البحار 104: 209.
من شرب الخمر لم تقبل صلاته أربعين يوما1.
من أبقي في بيته طنبورا أو عودا أو شيئا من الملاهي من: المعزفة، والشطرنج وأشباهها أربعين يوماً، فإن مات في الأربعين مات فاجرا فاسقا، ومأواه النار وبئس المصير2.
من صحب مؤمنا أربعين خطوة سأله اللّه عنه يوم القيامة3.
من أخلص العبادة للّه أربعين صباحا تفجّرت ينابيع الحكمة علي لسانه4.
ما أجمل عبد ذكر اللّه أربعين صباحا إلاّ زهّده في الدنيا وبصّره داءها5.
أكل الحلال أربعين يوما ينوّر القلب6.
أكل الرمّان علي الريق ينوّر القلب أربعين صباحا7.
أكل اللّحم أربعين يوما يوجب سوء الخلق، وكذلك تركه أربعين يوما8.
حريم المسجد أربعون ذراعا من كلّ ناحية، والجوار أربعون دارا من أربعة جوانبها9.
من أذّن أربعين صباحا يريد بذلك وجه اللّه دخل الجنة10.
من صلّي أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الاُولي، كتب له براءة من النار وبراءة من النفاق11.
من صلّي عن يمين الإمام أربعون يوما دخل الجنة12.
من دعا لأربعين مؤمن ثمّ دعا لنفسه استجيب له13.
إذا اجتمع أربعون مؤمنا للدعاء، أو عشرة يدعو كلّ منهم أربع مرّات، أو أربعة يدعو كلّ منهم
………………………………………………………………………………………….
1 . البحار 66: 314.
2 . البحار 8: 224.
3 . البحار 79: 253.
4 . البحار 74: 158.
5 . البحار 53: 326.
6 . البحار 53: 325.
7 . البحار 53: 226.
8 . البحار 62: 283.
9 . البحار 53: 326.
10 . البحار 74: 151.
11 . المعجم الصغير: 223.
12 . البحار 88: 4.
13 . البحار 88: 98.
14 . البحار 87: 221.
عشر مرّات، فإنّه يوجب الإجابة1 وفي الكافي: أو واحد يدعو أربعين مرّة2.
المداومة علي عمل أربعين يوما أو تكرار الشيء أربعين مرّة في مجلس واحد، له تأثير في الانتقال في الدرجات.
من استغفر اللّه ماءة مرّة في قنوت الوتر، أربعين ليلة، كتب من المستغفرين بالأسحار3.
من دعا بدعاء العهد أربعين صباحا كان من أنصار القائم عليهالسلام 4.
من بات في مسجد الكوفة أربعين ليلة أربعاء فإنّه يري القائم عليهالسلام 5 وورد مثله بالنسبة إلي مسجد السهلة6، وكذا الحائر الحسيني عليهالسلام 7 بل في أي محلّ ومكان8.
إقامة السيد الحسيني بقم أربعين يوما9.
ظهور الامام الحجة عليهالسلام وصورته في سنّ الأربعين10.
ملك الإمام الحجة عليهالسلام ما بين الخافقين أربعين عاما11.
رجوع الحسين بن علي عليهالسلام إلي الدنيا فيمكث أربعين سنة12.
انقطاع الحجّة عن الأرض قبل القيامة الكبري بأربعين يوما13.
إنّ الدنيا تمطر قبل القيامة أربعين صباحا14.
ما بين النفختين في الصور أربعين سنة15.
قيام الناس في يوم القيامة بمقدار أربعين يوما16.
………………………………………………………………………………………….
1 . البحار 93: 316.
2 . الكافي 4: 241.
3 . المستدرك 4: 407.
4 . البحار 53: 95.
5 . البحار 53: 24 و241.
6 . البحار 53: 309 ).
7 . البحار 53: 325.
8 . كما في البحار 53: 325.
9 . البحار 60: 615.
10 . البحار 52: 287.
11 . البحار 44: 20 و52: 28.
12 . البحار 53: 63.
13 . البحار 6: 18.
14 . البحار 7: 39.
15 . البحار 6: 321.
16 . البحار 8: 48.
يدخل الشيعة الجنّة قبل غيرهم بأربعين عاما1.
من غسّل ميّتا غفر اللّه له أربعين كبيرة2.
من حمل أخاه الميت بجوانب السرير الأربعة محي اللّه عنه أربعين كبيرة من الكبائر3.
استحباب الشهادة بالإيمان للميّت من قِبَل أربعين مؤمنا وأن يكتب ذلك علي كفنه4.
إذا حضر الميّت أربعون رجلاً وشهدوا له بالخير غفر اللّه له5.
تأثير صلاة الوحشة (ليلة الدفن) من أربعين مؤمن، أو أربعين مرّة من واحد في شفاعة الميّت6.
استحباب رشّ القبر أربعين شهرا أو أربعين يوما لدفع العذاب عن الميّت7.
بكاء السماء والأرض علي المؤمن ـ إذا مات ـ أربعين صباحا، وعلي العالم أربعين شهرا وعلي النبيّ والإمام أربعين سنة8.
أدني المؤمنين شفاعة يشفع في أربعين من إخوانه9.
مفردات الحديث10
ورد الحديث النبوي: « من حفظ علي اُمّتي أربعين حديثا ممّا يحتاجون إليه من أمر دينهم بعثه اللّه يوم القيامة فقيها عالماً» بالفاظ مختلفة، منها: « من حفظ من شيعتنا»11 ومنها: « مِن أحاديثنا »12، و منها: « مِن اُمّتي »13، و في بعضها بدل « مِن » وردت كلمة « علي »14،وفي بعضها
………………………………………………………………………………………….
1 . البحار 72: 6.
2 . الترغيب والترهيب 4: 238.
3 . من لايحضره الفقيه 1: 162.
4 . البحار 105: 149 و150.
5 . البحار 82: 59.
6 . سفينة البحار 2: 555.
7 . الوسائل المجلّد الثاني: الباب 32 من ابواب الدفن.
8 . البحار 42: 308.
9 . البحار 8: 30.
10 . أخذنا هذا الموضوع من كتاب الأربعين للشيخ البهائي ـ بتصرّف ـ .
11 . البحار 2: 153، ح 1.
12 . البحار 2: 153، ح 2.
13 . البحار 2: 153، ح 3 و 7.
14 . البحار 2: 156.
بإضافة: « مِن السنّة»1، و بإضافة: « في أمر دينه »2 و في بعضها: « مِن أمر دينها »3، وفي بعضها بإضافة: «مِن أحاديثنا في الحلال و الحرام»4 وبإضافة: « ينتفعون بها»5.
ولابدّ ـ لتوضيح المقصود ـ من البحث في جهات:
أوّلاً ـ المراد من «الحفظ»
اختلف في المراد من «الحفظ»، وأنّه هل هو التعقّل والتدبّر والانتباه، أو المراد: الصون عن التلف والضياع ؟
فذكر العلامة المجلسي في معني الحفظ أقوالاً:
الأوّل: إنّ المراد الحفظ عن ظهر القلب، فإنّه هو المتعارف المعهود في الصدر السالف؛ فإنّ مدارهم كان علي النقش علي الخواطر، لا علي الرّسم في الدفاتر، حتّي منع بعضهم من الاحتجاج بما لم يحفظه الرّاوي عن ظهر القلب.
الثاني: ان المراد الحراسة عن الإندراس بما يعمّ الحفظ عن ظهر القلب والكتابة والنقل ولو من كتاب، وأمثال ذلك.
الثالث: أنّ المراد تحمّل الحديث علي أحد الوجوه المقرّرة في علم الدراية.
ثم قال رحمه اللّه: والحق أنّ للحفظ مراتب يختلف الثواب بحسبها:
فأحدها: حفظ لفظها، سواء كان في الخاطر أو في الدفاتر، وتصحيح لفظها واستجازتها.
وثانيها: حفظ معانيها، والتفكّر في دقائقها واستنباط الحِكَم والمعارف منها.
وثالثها: حفظها بالعمل بها والاعتناء بشأنها والاتعاظ بها6.
وقال العلاّمة الطهراني رحمهالله : «وإطلاق الحفظ عليه في تلك الأحاديث و فرض شموله للحفظ عن ظهر القلب، أو الحفظ بالتدبّر في فهم المراد والحفظ بالعمل علي طبقه، لكن أظهر مصاديقه: كتابة الحديث عنه، ولذا جرت سيرة الأعلام علي اقتفاء هذه السنّة بتأليف كتاب يدوّن فيه أربعون حديثا»7.
………………………………………………………………………………………….
1 . البحار 2: 154، ح 4.
2 . البحار 2: 154، ح 5.
3 . البحار 2: 156، ح 9.
4 . البحار 2: 154، ح 6.
5 . البحار 2: 156، ح 8.
6 . البحار 2: 157.
وقال سيدنا الاستاذ العلامة السيد محمد حسين الجلالي دام ظله: إنّ الحفظ بمعني التعقّل، وذلك لأن الإضطراب والاختلاف في كلمات العلماء ناشٍ من الجمود علي ماذكره اللّغويون في معاني الحفظ، فقد قال ابن سيدة: الحفظ نقيض النسيان، وهو التعاهد وقلة الغفلة، وفي الصحاح: حفظت الشيء حفظا: حرسته، وحفظته ايضا بمعني استظهرته1.
وهكذا تجد في كتب اللّغة معاني الصيانة والرعاية وكتمان السر وقوّة الذاكرة، ولا تجد فيها معني «التعقّل».
وإذا جاز لنا اعتبار كتب اللّغة مستودعات لاستعمال الالفاظ العربية في العصور المختلفة، فتختلف دلالة الألفاظ باختلاف الاستعمال، إذاً يجوز أن يشذّ عن بعضهم استعمال خاص في عصر خاص، ويفتقر في تعيين المعني إلي مزيد اجتهاد في ذلك كي لا يفوت علينا معني من معاني الألفاظ العربية، وهذا ما أراه واقعا في مادة «الحفظ »، فبالرغم من أنّا لا نجد في قواميس اللّغة من معاني الحفظ «التعقّل» ولكن هذا المعني ينطبق تماما علي نصوص الأحاديث؛ فإن هذه الآثار الدينية التّي صرّحت بها السنّة من دنيوية واخروية لايمكن أن تترتّب علي مجرّد حفظ الحديث في الذاكرة، أو مجرّد ترديد ألفاظها من دون وعي لها أو علم بها.
ويمكن القول بأنّ هذا المعني «الوعي» و«التعقّل» هو المراد في مادة «الحفظ» أي التيقّظ من السقوط، والحفاظ علي المحارم، والمحافظة أي المواظبة علي الأمر، كما يرشد إلي ذلك قوله تعالي: «حَافِظُوا عَلَي الصَّلَواتِ»2 أي صلّوها في أوقاتها وواظبوا علي إقامتها في مواقيتها.
ولا شكّ أنّ المعاني الثلاثة المتقدمة، اعني: 1 ـ الحفظ عن ظهر القلب . 2 ـ والحفظ بالكتابة والتأليف .3 ـ والحفظ بالتخزين في المكتبات لا أثر لها إلاّ باعتبارها وسائل لوعيها ودراستها وتأثيرها في الحياة العمليّة، ويرشدنا إلي انّ «التعقّل» و«الوعي» من معاني الحفظ ما نقل عن ابن دأب، أبي الوليد عيسي بن يزيد بن بكير بن دأب، وهو من أهل الحجاز، وكان أكثر أهل عصره أدبا وعلماً ومعرفة بأخبار النّاس وأيّامهم3، فقد نقل العلاّمة المجلسي في معاني الحفظ عنه قوله: «هو الّذي تسمّيه العرب: العقل»4 . ولعلّ إلي ذلك أيضا يشير السيّد عليخان المدني بقوله: «الحفظ تارة يقال لقوّة النفس التي تثبت ما يؤدّي إليها الفهم، وتارة لاستعمال تلك القوّة، وتارة
………………………………………………………………………………………….
1 . الذريعة 1: 409.
2 . الصحاح 3: 1172 «حفظ».
3 . البقرة: 238.
4 . انظر الكني والألقاب 1: 277.
5 . بحار الأنوار 40: 109.
لضبط الشيء في النّفس»1، والحفظ بمعني الوعي والتعقّل هو المراد في كلمات الأئمّة عليهمالسلام ، فقد قال الصادق عليهالسلام : «اكتبوا، فإنّكم لا تحفظون إلاّ بالكتاب»2، وقال عليهالسلام أيضا: « أما إنّكم لن تحفظوا حتّي تكتبوا»3.
وقال الجلالي: ان تعميم معني الحفظ ليشتمل علي المعاني الثلاثة أنسب.
ثانياً ـ كلمة «الامّة»
فإنّها في الحديث عدّيت تارة بـ «علي» وأخري بـ «من»، والمراد هو الحفظ لصالح الاُمّة ولأجلها، فقد ورد استعمال كلمة «علي» بمعني اللاّم، كما يستشهد له بقوله تعالي: «لِتُكبّرُوا اللّهَ عَلي مَا هَداكُم»4.
كما أنّه يمكن أن يراد بها معني «من» كما يستشهد له بقوله تعالي: «إذا اكْتالوا عَلَي النّاسِ»5.
وأمّا الأمة، فالمراد بها جميع من يتشهّد بالشهادتين، لا فرقةً خاصّة منها، فيشمل كلّ ما ينفع المسلمين علي اختلاف مذاهبهم ونحلهم.
ثالثا ـ المراد من «الحديث»
والمراد بـ «الحديث» الوارد في الروايات، هو ما يرادف الكلام، وإنما سمِّي بالحديث لحدوثه وتجدّده آنا فآنا، وإن اطلق في الاصطلاح علي ما ينقل من قول أو فعل أو تقرير المعصوم عليهالسلام ؛ لأنّ الميزان ما يفهمه الناس من ظاهر اللفظ في ذلك العصر.
رابعا ـ تحديد «الاحتياج»
وأمّا عبارة «ممّا يحتاجون إليه»، فهي تدلّ علي المرونة التي يمكن أن يتمتع بها المحدّث في انتقاء ونقل الأحاديث؛ فإنّ حاجات المجتمعات متغيّرة ومتشعّبة، خصوصا في الجوانب الروحيّة التي قلّما يتفطّن لها الإنسان، وقد تطلق الحاجة علي ما يرتبط بالجوانب الاقتصاديّة
………………………………………………………………………………………….
1 . رياض السالكين 1: 102.
2 . بحار الانوار 3: 153، ح 46.
3 . بحار الانوار 2: 152، ح 38، والنص بأكمله منقول عن خاتمة شرح الأربعين النبوية للعلامة الاستاذ السيد محمد حسين الجلالي حفظه اللّه.
4 . البقرة: 185.
5 . المطففين: 1.
والماديّة، ولكنها غير مقصودة في هذه الأحاديث، وذلك لوجود كلمة «دينهم»؛ فتخرج الحاجات الدنيوية وإن كانت ترتبط بحياة المسلمين ومن حاجاتهم.
ولا شكّ أنّ الحاجات الدينيّة متغيّرة حسب الأفراد والأماكن والأزمنة؛ فإنّ المسلمين يعيشون علي رقعة واسعة من الأرض، مختلفة المناخ والتضاريس والأفكار والقوانين ـ خصوصا بعد حملات التهجير الظالمة التي فرضت علي الكثير من المسلمين في الآونة الأخيرة ـ فلكلّ زمان ومكان متطلّبات خاصّة يجب علي راوي الحديث معرفتها ليعالجها من خلال أحاديث النبي صلياللهعليهوآله وأهل البيت عليهمالسلام بالأساليب الناجعة.
خامسا ـ مفهوم «الفقه»
قال العلامة المجلسي: « يطلق الفقيه غالبا في الأخبار علي العالم الخبير بعيوب النفس وآفاتها، التارك للدّنيا، الزاهد فيها، الراغب إلي ما عنده تعالي من نعيمه وقربه ووصاله»1.
ونقل الشيخ البهائي قدسسره عن بعض الأعلام قوله: «إنّ اسم الفقه في العصر الأوّل إنّما كان يطلق علي علم الآخرة، ومعرفة دقائق آفات النفس، ومفسدة الأعمال، وقوّة الإحاطة بحقارة الدنيا، وشدّة التطّلع إلي نعيم الآخرة» ثمّ عقّبه بقوله رحمهالله : «ولعمري انه كلام رشيق أنيق…»2.
وقال السيد العلامة الأستاذ دام ظلّه: « من الواضح أنّ الفقه في اللّغة بمعني مطلق الفهم، وفي الإصطلاح بمعني العلم بالأحكام الشرعية الفرعيّة عن أدلّتها، وأمّا المراد به في الآيات إنّما هو خصوص فهم الشريعة الإسلامية، ووعي أحكامها كما في قوله تعالي: «فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلْيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ»3؛ فإنّ النفر والإنذار ليس لخصوص الأحكام الخمسة التكليفيّة، بل مطلق العقائد والأحكام الإسلامية، ممّا يتضمّن البشارة تارة والإنذار اُخري، ويتوقّف عليه التبليغ والإرشاد، وتحتاج إليه الاُمّة في امور معاشها ومعادها، كما يشهد بذلك الحديث النبوي المتضمّن لاُمّهات العقائد الإسلاميّة والأحكام الشرعيّة والآداب الدينيّة»4.
ومن هنا يمكن القول بأنّ المراد بالفقه ليس هو الفهم، لعدم مناسبته للحشر في القيامة، ولا
………………………………………………………………………………………….
1 . البحار 2: 157.
2 . الأربعين للشيخ البهائي: 12.
3 . التوبة: 122.
4 . شرح الأربعين النبوية: 10.
المعني المصطلح؛ لأنّه مستحدث لا يمكن حمل الحديث عليه، بل المراد أنّه يبعث علي بصيرة في الدين والفقه كما يبعث العلماء والفقهاء.
ومن هنا يتضح المراد «بالعالم» في الحديث، فإنّه الذي يرادف الفقيه، أي ما يوجب قرب الإنسان من اللّه ومن الجنّة، قال تعالي: «إنَّما يَخْشَي اللّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَمَاءُ»1. فكلّ ما لا يوجب الخشية من اللّه فليس هو بعلم، في المفهوم الديني، وإن كان هامّا ودقيقا.
وهنا نقاط ينبغي الالتفات لها:
أوّلها: إنّ بعض العلماء ذهب إلي ترتّب الأثر علي مجرّد الحفظ وإن لم يحصل تفهّم معني الحديث؛ لترتب بعض الفوائد علي مجرّد الحفظ، كما يشير إليه ما روي من قوله صلياللهعليهوآله : «ربّ حامل فقه إلي من هو أفقه منه»2.
هذا، ولكن المستفاد من طرح الفكرة علي الاُمّة ليس مجرّد ذلك، بل انّ ترتّب الثواب المتوخّي انما هو علي التعمّق والتدبّر والتطبيق للمعاني ولو إجمالاً.
ثانيها: هل الأحاديث المترجمة إلي اللغات الاُخري يترتّب عليها نفس الثواب ؟ يمكن الجواب بالنفي؛ لعدم اتصاف الأحاديث المترجمة بمميّزات الأصل الصادر عن المعصومين عليهمالسلام ، كما يلاحظ ذلك في ترجمة القرآن الكريم أيضا، نعم يترتّب عليها ثواب نقل معني الحديث.
ثالثها: بالنسبة إلي تقطيع الأحاديث المفصّلة، لابدّ من ملاحظة عدم تأثير التقطيع في ضياع المعني وانقلابه، فمثلاً لا يجوز التقطيع في حديث صوم الضيف3؛ فإنّ نقل قسم من الحديث بدون نقل ذيله منافٍ للمغزي المراد من الحديث، نعم إذا لم يستلزم التقطيع محذورا جاز ذلك، خصوصا في مثل حديث الأربعين المتقدّم عن الصدوق رحمهالله ، المشتمل علي أربعين فقرة متمايزة ومستقلّة نوعا مّا.
واللّه أرجو أن يتقبّل هذا العمل و يذخره ليوم لاينفع مال ولابنون إلاّ من أتي الله بقلب سليم.
………………………………………………………………………………………….
1 . الملائكة: 28.
2 . البحار 2: 164.
3 . هو قوله صلياللهعليهوآله : « من نزل علي قوم فلايصوم تطوّعا إلاّ بإذنهم » (الكافي 4: 86) فلا يجوز نقل صدر الحديث، و هو: « من نزل علي قوم فلا يصوم » فقط.