إنّ النسخة التي اعتمدها الميرزا مهدي الصادقي من الکافي في تخريج أسانيد الکتاب ـ أي المطبوعة في ثمانية أجزاء ـ لم تکن مطبوعة(1) زمن تأليف الکتاب، ولا زمن استنساخه هو للکتاب، ولا في الفترة التي تمّ فيها استنساخ «الترتيب» تحت إشراف المؤلف.
إنّ العمل علي الکتاب بجميع مراحله الثلاث قد تمّ اعتماداً علي النسخ التالية:
1ـ نسخة من کتاب مرآة العقول تأليف العلامة المجلسي ـ قدس سره ـ ، وهذا الکتاب هو شرح لکتاب الکافي.
وقد مرّ في البحث عن المرحلة الثالثة من مراحل «کيفية تأليف الکتاب» نقلاً عن الميرزا حسن النوري أنّ المؤلف کان قد اعتمد في أخذه للأسانيد وتجريدها علي کتاب مرآة العقول هذا، لأنّه لم يکن عنده کتاب الکافي.
وبکل صراحة نقول إنّ المؤلف ـ قدس سره ـ قد کان حظيظاً بأنّ الظروف قد فرضت عليه أن يعتمد علي هذا الکتاب في الخطوة الاولي من التأليف، لأنّ العلامة المجلسي ـ قدس سره ـ کان قد ضمّن کتابه هذا فوائد قيمة بخصوص أسانيد الکافي، وعالج قسطاً من أسانيده المعلولة وضبط وحدّد أسماء مجموعة من الرواة، مضافاً إلي تعيين نوع الحديث.
وهذه الفوائد قد ساعدت سيدنا المؤلف، واعتمد عليها مستمدّاً من فکره النقّاد وذکاءه القوي، حتي بني قواعد هذا الصرح القويم. وقد تمّ تأليف الکتاب في المرحلة الاولي اعتماداً علي هذه النسخة.
2ـ نسخ مخطوطة من الکافي، وبعد أن انتهي سيدنا المؤلف من تأليف الکتاب في المرحلة الأولي، وبعد أن حصل علي نسخ من الکافي عمد إلي مقابلة کتابه مع هذه النسخ وتزويده بالمعلومات الجديدة.
وکم له ـ قدس سره ـ من تصويب للأسماء المصحّفة کان قد توصّل إليه قبل المقابلة قد عثر علي شاهد في هذه النسخ يؤيده.
لقد جاء في النسخة المطبوعة التي اعتمدها: «محمد بن يحيي، عن أحمد بن صفوان(2)» وکان قد صحّحه هو هکذا: «محمد بن يحيي، عن أحمد، عن صفوان» وعلّق عليه قائلاً: «هذا علي ما هو الظاهر عندنا، وقد وجدناه أخيراً في النسخة المخطوطة المقروءة علي المجلسي ـ رحمه الله ـ ، وما وقع في النسخة المطبوعة وفي بعض النسخ المخطوطة من «أحمد بن صفوان» فهو وهم(3)».
وذکر ما وجده من الاختلاف بين المطبوعة وبين بعض النسخ المخطوطة، فعلّق ـ مثلاً ـ علي اسم «نصير أبي الحکم الخثعمي» قائلاً:
«في بعض النسخ المخطوطة: «نصير بن أبي الحکم الخثعمي»، وفي آخر تلک النسخة خطّ مولانا المجلسي ـ قدس سره ـ قد أجاز رواية الکتاب عنه لبعض تلامذته(4)».
واعتمد علي بعض هذه النسخ، واستشهد علي صحّة ما جاء فيها بما جاء في «الوافي» و «الوسائل» و «رجال النجاشي»، قال ـ رحمه الله ـ في مقدّمته لکتاب الترتيب ـ بعد أن ذکر سنداً جاء فيه محمد بن الحسن الطائي(5) ـ : «هکذا وجدته في ثلاث نسخ مخطوطة من الکتاب، وهو الموافق لما حکاه صاحبا «الوافي» و «الوسائل»، ولکنّ الموجود في نسخة اخري مخطوطة ونسختين مطبوعتين منه تبديل الطائي بالطاطري»، ثم استشهد بما جاء في طريق النجاشي إلي کتب علي بن العباس الجراذيني(6) علي صحة «الطائي(7)».
واستظهر تصويباً يختلف مع ما جاء في مجموعة من النسخ، قال ـ رحمه الله ـ معلّقاً علي سند جاء فيه: يحيي بن عمرو بن کليع(8): «هکذا في النسخة المطبوعة من الکافي وفي مرآة العقول وثلاث نسخ مخطوطة عندي، والظاهر أنّه وهم، يحتمل أن يکون صوابه: «يحيي بن عمران الحلبي» والله العالم»(9).
وتوقّف في ترجيح بعض النسخ علي بعض موکلاً ذلک إلي التثبّت والتفتيش، فعلّق ـ مثلاً ـ علي سند جاء فيه: «يزيد عمر بن حنظلة(10)» قائلاً: «هکذا في المجلد الثالث من المرآة، وفي النسخة المطبوعة بطهران: «يزيد بن عمر بن طلحة». وفي نسخة مخطوطة عندنا: «زيد بن عمر بن طلحة»، وقد نقل في جامع الرواة: «يزيد بن عمرو بن طلحة»، وفي نسخة أخري: «يزيد بن عمر بن طلحة»، فلابدّ من التثبّت(11)».
يعرف من مجموع هذا أنّه ـ قدس سره ـ لم يکن ليتعبّد بما جاء في النسخة المطبوعة، ولم يعتمد علي النسخ المخطوطة ـ مهما کانت معتبرة ـ بل کان يعتمد علي المعلومات والقرائن والشواهد التي کان قد حصل عليها من خلال ممارسته في هذا الفنّ، وکان يستعين بکل ما له دخل في معرفة الصواب.
وبهذا قد أنجز المرحلة الثانية من مراحل تأليف الکتاب، وهي مراجعته وتزويده بمعلومات جديدة وتعديلات هامّة وتصحيحات ضرورية.
3ـ النسخة المطبوعة، وقد عرّفها السيد المؤلف في مقدمته لکتاب الترتيب قائلاً: «وأخذت الأسانيد في اصول الکافي ـ من النسخة المطبوعة بـ «تبريز» في سنة 1311 ـ المحشي بحاشية ملا صالح المازندراني ـ قدس سره ـ وفي الفروع من النسخة المطبوعة بطهران ـ المجلد الأول في سنة 1311 والمجلد الثاني في 1314 ـ(12)».
إنّ هذه النسخة هي التي قد اعتمدها الميرزا حسن النوري في إکمال الکتاب واستنساخه، وهي ـ کسائر الکتب المطبوعة ـ لم تسلم من السقط والتصحيف.
وکان السيد المؤلف ـ قدس سره ـ قد صلّح کثيراً من أخطاء هذه النسخة، وذلک بذکر السند کما جاء فيها ثم التعليق عليه بما هو الصواب، ولا شک أنّ لهذه التصويبات دور کبير في معرفة السند وتحديد رجاله، ويعرف من خلالها ضعف من بني علي هذه الأخطاء فثي ما ألّفه في هذا الفنّ.
……………………………………………………………………………..
1- طبع الکافي في ثمانية أجزاء، وقد صدّر الجزء الأول بمقدمة حسين علي محفوظ وقد کتبها عام 1374 هجرية.
2-جاء هذا السند في الکافي، ج 2، ص 15، کتاب الإيمان والکفر باب أنّ السکينة هي الإيمان، حديث 2.
3- ترتيب أسانيد الکافي، ص 325.
4- ترتيب أسانيد الکافي، ص 344.
5- تجد هذا السند في الکافي، ج 5، ص 23، حديث 3 وفيه: «محمد بن الحسن الطاطري».
6- راجع رجال النجاشي، ص 255.
7- راجع ترتيب أسانيد الکافي، ص 122.
8- تجد هذا السند في الکافي، ج 4، ص 253، حديث 5.
9- ترتيب أسانيد الکافي، ص 204.
10- تجد هذا السند في الکافي، ج 4، ص 571، حديث 1، وفيه: «يزيد بن عمر بن طلحة».
11- ترتيب أسانيد الکافي، ص 217.
12- ترتيب أسانيد الکافي، ص 109.