إنّ کل منهج مسؤول بمستوي ما يرسمه، ويتميز بقدر ما ينجزه، إنّ الإتقان في المنهج وحسن تطبيقه هما عنصران أساسيان في إتقان الکتاب وتحقيق هدف التأليف منه.
ومهما کان المنهج متقناً فإنّه لا ينجز من الهدف شيئاً إلا إذا حظي بحسن التطبيق.
ولا شک أنّ تطبيق المنهج الذي رسمه سيدنا المؤلف ـ قدس سره ـ يتطلّب قدرات علمية هائلة، وجهود مکثّفة متواصلة، لأنه منهج متقن قائم علي اصول جديدة کان المؤلف قد أسّسها معتمداً علي قدراته العلمية وممارسته الطويلة في هذا الفنّ.
وفي هذا الفصل نتحدّث عن اسلوبنا في تطبيق المنهج وما عملناه في تحقيق الکتاب.
ومع الأسف إنّنا لم نعثر علي نسخة المؤلف التي کتبها بيده المبارکة، وما وجدناه قد طرأت عليه تغييرات وتبديلات(1)، ولم نعثر علي ما يدلّ بوضوح علي أنّ هذه التغييرات کانت بأمر من السيد المؤلف.
فرأينا من الضروري في تحقيق الکتاب من «تطبيق المنهج» باسلوب يتناسب مع ما ذکره السيد المؤلف في مقدمة الکتاب في «سبب التأليف» و«مميزات المنهج».
لقد تمّ ـ ولله الحمد ـ تطبيق المنهج في مرحلتين: المرحلة الاولي: تحقيق الأسانيد والمرحلة الثانية: تحقيق النصّ.
المرحلة الاولي: تحقيق الاسانيد
ولما کان الهدف من وضع المنهج هو معرفة الأسانيد التي جاءت في کتاب الکافي تحتمّ علينا تحقيق الأسانيد قبل کل شيء، وتمّ هذا المهمّ بالخطوات التالية:
1ـ تصحيح الأسانيد
أنّ السيد المؤلّف – رحمه الله – كان قد نبه علي ما وقع في بعض الأسانيى من التصحيف والقلب والنقص والزيادة، ثم ذكر الصواب منها، وبناءً على هذه التصويبات أنجزنا هذه المراحلة وصحّحنا هذه الطائفة من الأسانيد كي يتسنّى لنا انجاز الخطوات الآتية.
2ـ تکميل الاسانيد
لقد جاءت طائفة من الأسانيد معلّقة علي سابقها واخري مبدوءة بـ «عنه» وثالثة جاءت ذيلية، ففي هذه المرحلة حدّدنا من عُلّق عليه السند وأضفناه علي السند، وحدّدنا مرجع الضمير في «عنه» وأثبتناه بديلاً لـ«عنه»، وکمّلنا الأسانيد الذيلية ببقية الوسائط حتي نهاية السند، وذلک وفقاً لما حدّده السيد المؤلف في الکتاب. إلا أنّنا وضعنا التکملة بين قوسين صغيرين تمييزاً لهذه الطائفة من الأسانيد.
وبهذه المرحلة اکتملت وسائط کل سند من أسانيد هذه الطائفة.
إنّ الکليني ـ قدس سره ـ قد ذکر مجموعة من الأسانيد غير مبدوءة بأسماء مشايخه الذين عرفوا من خلال مجموعة أخري من أسانيد کان قد ذکرهم في بداياتها، وصدّر السند باسم الواسطة الثانية أو الثالثة، وعلّقه علي ما سبقه.
وتکميل السند المعلّق يؤخذ من السند السابق الواسطة الاولي إذا کان المعلّق مبدوءً بالواسطة الثانية، وإذا کان مبدوءَ بالواسطة الثالثة يؤخذ من السابق الواسطتين الاولي والثانية وبهما يکتمل السند.
ويتمّ تکميل السند المعلّق بسهولة إذا کان مبدوءً باسمٍ قد جاء هذا الاسم في السند السابق أيضاً، فيؤخذ کل ما جاء قبل هذا الاسم من السند السابق وبه يکتمل السند المعلّق، مثال هذا النوع من التعليق:
جاء في ج 3 / 503 / الزکاة / منع الزکاة / حديث 3 وبدايته:
«يونس، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله ـ عليه السلام ـ».
وجاء في سابقه: «علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن ابن مسکان يرفعه عن رجل، عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ».
ويکتمل السند هکذا: «علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن» يونس، عن علي بن أبي حمزه، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله ـ عليه السلام ـ .
علماً بأنّنا قد وضعنا المعلّق عليه في کتابنا هذا بين قوسين صغيرين، وعلّقنا في الهامش علي کلمة «عن» التي جاءت في آخر القوسين بعبارة: «هذا السند معلّق علي سابقه، وأوّله يونس».
وهناک نوع آخر من التعليق قد وقع في کتاب الکافي وهو التعليق علي ما قبل السند السابق. مثاله:
ج 6 / 214 / الصيد / الصيد بالحبالة / حديث 4.«أبان، عن زرارة، عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ».
وجاء في ما قبل السابق عليه أي حديث 2 من هذا الباب:
«حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن عبدالرحمان بن أبي عبدالله، عن أبي عبدالله ـ عليه السلام ـ».
فيؤخذ من هذا السند الواسطة الاولي حتي الثالثة، ليکتمل المعلّق.
وأما السند السابق أي رقم 3 فلا يصحّ أن يعلّق عليه، لأنّه لم يذکر فيه «أبان» الذي جاء في بداية السند المعلّق.
وقد جاءت مجموعة کبيرة من الأسانيد في کتاب الکافي مبدوءة بـ «عنه» أو بـ «عنهما» أو بـ «رواه»، لابدّ فيها من تحديد مرجع الضمير، ليکتمل به السند.
ولا شکّ أنّ هذه العملية تتطلّب الممارسة الطويلة في هذا الفنّ، وتستلزم الإحاطة التامّة بمجموعة کبيرة من الأسانيد القائمة بذاتها، وغير معلّقة علي غيرها، لتکون هي المعيار المطمئنّ في تشخيص مرجع الضمير في هذا النوع من السند.
وکل ما کانت هذه الممارسة أکثر وهذه الإحاطه أکبر کانت نسبة الصواب أعلي.
ومن خلال التتّبع يعرف البحاث أنّ الأسانيد المبدوءة بالضمير علي أنواع، نذکر هنا أهمّها:
تارة يکون مرجع الضمير هو إحدي الوسائط المذکورة في السند السابق، والسند السابق تامّ بذاته وغير معلّق علي غيره.
وأخري يکون مرجع الضمير هو ما جاء في بداية السند السابق،والسند السابق معلّق علي غيره.
وثالثة يکون مرجع الضمير هو إحدي الوسائط المذکورة في ما قبل السند السابق.
مثال النوع الأول: ج 7 / 232 / الحدود / حدّ الصبيان في السرقة / حديث 3 وبدايته: «عنه، عن صفوان، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي إبراهيم ـ عليه السلام ـ» وقبله: «أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما ـ عليهما السلام ـ»، فيکون المقصود من «عنه» هو «محمد بن عبد الجبار» وقبله «أبو علي الأشعري»، وبهما يتمّ السند. ونحن في کتابنا هذا وضعناهما بين قوسين صغيرين، وبعدهما ذکرنا بقية السند، ثم علّقنا في الهامش بعبارة: «بداية السند: «عنه»، والضمير يرجع إلي محمد بن عبد الجبار».
ومثال النوع الثاني: ج 7 / 391 / الشهادات / ما يجوز من شهادة النساء وما لا يجوز / حيث 7 وبدايته: «عنه، عن عبدالله بن سنان قال: سمعت أبا عبدالله ـ عليه السلام ـ يقول» وقبله: «يونس، عن عبدالله بن بکير، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال» وقبله برقم 10: «علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسي، عن يونس، عن أبي أيوب الخزّاز، عن محمد بن مسلم قال: قال» فيکون المقصود من «عنه» هو «يونس» الذي جاء في بداية الحديث رقم 9 وحديث يونس هو معلّق علي سابقه ونحن وضعنا عبارة: «علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسي، عن يونس» بين قوسين السند «عنه» والضمير يرجع إلي «يونس» وحديث يونس معلّق علي سابقه.
ومثال النوع الثالث: ج 3 / 315 / الصلاة / قراءة القرآن / حديث 18 وبدايته: «وعنه، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن عمرو بن سعيد المدائني، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار بن موسي، عن أبي عبدالله ـ عليه السلام ـ» وجاء في ما قبل سابقه أي برقم 16: «أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد» إلي آخر السند. فيکون المقصود من «عنه» هو «أحمد بن إدريس»، ونحن وضعناه بين قوسين صغيرين، وعلّقنا بعبارة: «بداية هذا السند: «عنه» والضمير يرجع إلي أحمد بن إدريس وقد جاء في ما قبل سابقه».
وأمّا السند المبدوء بـ«عنهما» فيعود الضمير إلي الراويين المقرونين اللذين جاءا في السند السابق. جاء هذا النوع في ج 4 / 11 / الزکاة / کفاية العيال والتوسّع عليهم / حديث 2. وقد جاء «سهل بن زياد» في السند السابق مقروناً بـ «أحمد بن محمد».
ونحن في کتابنا هذا قد حدّدنا کل سند مبدوء بالضمير، وحدّدنا مرجع الضمير لنفسح المجال للباحثين للمراجعة لعلّهم يتوصّلون إلي غير ما توصّلنا إليه.
3ـ تفريق المقرون
لقد ذکر الکليني ـ رحمه الله ـ في بعض الأسانيد عدة طرق للحديث الواحد، وذلک بأن يعطف الراوي علي من سبقه في الذکر بحرف العطف، أو يعطفه علي ما قبل سابقه وهکذا.
وقد عبّر المؤلف ـ قدس سره ـ عن هذا السند بـ «المقرون»، وذلک في بعض تعليقاته وفوائده من هذا الکتاب.
ولما کان الهدف من عملنا هذا هو معرفة کل الأسانيد فرضنا علي أنفسنا أن نقوم بعملية تفريق المقرون وتکثيره حسب طرقه المذکورة وتوزيع هذه الطرق في محالّها، وکانت هذه الخطوة من أصعب ما عانيناه في هذا المشروع.
لأنّ بعض الأسانيد المقرونة قد تغري الباحث في تفريق طرقها، وتوقعه في الخطأ، فعلي الباحث أن يتثبّت قبل کلّ شيء. مثال ذلک:
ج 2 / 124 / الإيمان والکفر / الحبّ في الله والبعض الله / حديث 1.
«عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسي وأحمد بن محمد بن خالد وعلي بن إبراهيم، عن أبيه وسهل بن زياد جميعاً، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذّاء، عن أبي عبيدة الحذّاء، عن أبي عبدالله ـ عليه السلام ـ».
هذا السند يضمّ أربعة طرق، ثلاثة منها مبدوءة بالعدة وواحد منها بعلي بن إبراهيم، لأنّ «وسهل بن زياد» عطف علي «أحمد بن محمد بن خالد» لا علي «عن أبيه».
ونحن وزّعنا هذه الطرق الأربعة علي محالّها الأربعة، وما جاء فيها خارجاً عن محلّ الترتيب ذکرناه بخطّ يختلف من خط المتن، هکذا:
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسي وأحمد بن محمد بن خالد بن علي بن إبراهيم، عن أبيه وسهل بن زياد جميعاً عن ابن محبوب.
عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسي وأحمد بن محمد بن خالد وعلي بن إبراهيم، عن أبيه وسهل بن زياد جميعاً عن ابن محبوب.
عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسي وأحمد بن محمد بن خالد وعلي بن إبراهيم، عن أبيه وسهل بن زياد جميعاً عن ابن محبوب.
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسي وأحمد بن محمد بن خالد وعلي بن إبراهيم، عن أبيه وسهل بن زياد جميعاً عن ابن محبوب.
4ـ تجريد الاسانيد عن المتون
لقد تمّ تجريد الأسانيد مع إبقاء تعبيرات الکليني عن شيوخه علي حالها، کالتعبير عنهم بالکنية أو اللقب أو بالإجمال في الاسم، والاحتفاظ بتعبير الراوي بقوله: «سألته» أو «قال لي» أو «سمعته يقول» أو «کتبت إليه» أو «قرأ علي» وما شاکل.
إنّ لبعض الأسانيد خصوصيات قد تکشف الکثير من الغرض في حياة الرواة. إنّ جملة «سألته» أو «کتبت إليه» أو «قرأ علي» أو «أملي علي» وما شاکل قد تکشف من حياة الراوي ما لم يذکره أصحاب الاصول الرجالية في تراجمهم، في حين أنّ بعض هذه الخصوصيات قد تساعد الباحث علي تحديد الراوي وتمييزه من غيره.
کثير عدد الرواة الذين کتبوا عنهم أنّهم لهم مسائل أو رسائل بعثوا بها إلي واحد من المعصومين ـ عليهم السلام ـ نعثر علي مسائلهم ورسائلهم حيث يعبّرون عن روايتهم بجملة «سألته» أو «کتبت إليه»، مضافاً إلي أنّ هذه الخصوصيات ونوع هذه المسائل والأسلوب المستخدم في هذه الرسائل مصدر يمکن أن يعتمد عليه الباحث في تقييم الراوي وثمّة تقييم الرواية.
ونحن في عملنا هذا قد ذکرنا جميع ما جاء في السند ونقلناه من الکافي کما هو، مع غضّ النظر عمّا جاء في النسخة المعتمدة. وذلک تتميماً للفائدة ولمعرفة الموقوف والمضمر ولتمييز الحکاية عن الرواية.
علماً بأنّ السيد المؤلف ـ قدس سره ـ قد اتّخذ هذا الأسلوب في بعض الأسانيد وأهمله في کثير منها، وذلک لأنّه ـ رحمه الله ـ کان قد التزم أن يکتب تمام السند في سطر الاولي في کل راو في عمود مخصّص له، لتأتي أسماء الواسطة الاولي في کل الأسانيد في العمود الأول وأسماء الواسطة الثانية في العمود الثاني وهکذا.
إنّ الالتزام بهذا الجدول والتقيد بهذه المسافة المحدودة من السطر وإن کان يعطي لصفحات الکتاب جمالاً رائعاً، ويسهّل للباحث ـ علي الأغلب ـ معرفة السند وتمييز المشترک لکنّه يقلّل من الدقة التي يجب علي الباحث أن يستعملها في هذا الفنّ.
وکان الأصل الذي اعتمدنا عليه في تحقيقنا هذا قد طغي فيه جانب الفنّ والتجميل علي الجانب العلمي، وذلک لإلغاء کثير من الخصوصيات المذکورة في الأسانيد، أو تلخيض بعض الأسماء أو تکميلها من غير أن ينبّه علي هذا التصرف.
5ـ ترتيب الاسانيد
رتّبنا الأسانيد حسب شيوخ الکليني ثم شيوخ شيوخه، وهکذا حتي نهاية السند ورتّبنا الأسانيد المبدوءة بـ«عدة من أصحابنا» ثم المبدوءة بـ «بعض أصحابنا». لقد أنجزنا هذه الخطوة وفقاً لما حدّده المؤلف في مقدّمة الکتاب في عدد شيوخ الکليني، وهم 37 شيخاً، ومنهم داود بن کورة، وذکر أنّ داود لم يذکر في شيء من الأسانيد، لکنّه جاء ضمن العدّة.
وکانت النتيجة الحاصلة من انجاز هذه الخطوات هي: استقصاء جميع طرق الکليني، وقد بلغت نحو ثمانية عشر ألف، والحصول علي النظائر أي الأسانيد المتکرّرة، وقد بلغت نصف المجموع، واستدراک مجموعة من الأسانيد لم تذکر في الکتاب.
وکنّا خصّصنا لکل طريق من طرق الکليني ـ المتکرّرة منها وغير المتکرّرة ـ بطاقة، فبلغ مجموع البطاقات نحو ثانية عشر ألف بطاقة.
جمعنا أسانيد من جاء باسمه أو بکنيته أو بلقيه أو منسوباً إلي بلده أو موصوفاً بحرفته ـ وبعد التأکّد من الاتّحاد ـ ذکرنا جميعها تحت اسمه، وذکرنا في الهامش ما يدلّ علي هذا الاتحاد، ثم أعدنا ذکر سند واحد منها في الکني أو الألقاب أو النسب ـ إذا کان مذکوراً في السند بواحدة منها ـ ثم ذکرنا اسمه في الهامش وأحلنا عليه.
لقد جمعنا ـ مثلاً ـ أسانيد زيد الشحّام في حرف الزاي تحت اسمه سواء جاء باسمه أو بعنوان «أبي اسامة» أو بعنوان «الشحّام». ثم أوردنا السند في باب الکني، وذکرنا في الهامش أن «أبا اسامة» هو «زيد الشحّام»، وهکذا، ثم أحلنا إلي محلّه.
وبهذه الطريقة قد جمعنا الأسانيد المتحدة في کثير من الوسائط في محلّ واحد، ليتسنّي للباحث معرفة جميع شيوخ الراوي، وأيضاً يتسنّي له معرفة کلّ من روي هو عنه.
علماً بأنّ السيد المؤلف ـ قدس سره ـ قد اتّخذ هذه الطريقة في أسانيد بعض الرواة مثل الحسن بن علي بن فضّال، والحسن بن علي الوشاء والحسن بن محمد بن سماعة.
فذکر أسانيد «ابن فضّال» سواء جاءت بهذا العنوان أو بعنوان «الحسن بن علي» أو بعنوان «الحسن بن علي بن فضّال» في حرف الحاء في محلّ واحد، وذکر أيضاً جميع أسانيد«الوشّاء» و «ابن سماعة»وغيرهما کل في محلّ واحد.
ولبعض الرواة أسانيد تنتهي إلي أکثر من معصوم، مثل زرارة ومحمد بن مسلم و هشام بن الحکم وأبي بصير وغيرهم، وقد اتّحد جميع وسائط هذه الأسانيد لکنّها اختلفت في اسم المعصوم ـ عليه السلام ـ .
وقد عنون المؤلف ـ قدس سره ـ بعض هذه الأسانيد أکثر من مرّة، وذلک باعتبار تغاير اسم المعصوم ـ عليه السلام ـ فيها. وهذا ليس لفسح المجال للبحث عن اعتبار حديث المعصوم ـ معاذ الله ـ فإنّهم کلّهم نور واحد، وحديثهم علي مستوي واحد، وعصمتهم عليهم السلام تغني عن کل شيء، بل ذلک لمعرفة طبقة الراوي ولحصول الإطمئنان من سلامة السند.
إنّ السيد المؤلف ـ رحمه الله ـ لم يتّخذ هذا المنهج في کل الأسانيد، ونحن التزمنا به في جميع الأسانيد، کي يخرج الکتاب علي نسق واحد.
المرحلة الثانية: تحقيق النصّ
بعد أن انتهينا من تحقيق الأسانيد، وحصلنا علي جميع طرق الکليني ـ المتکرّرة منها وغير المتکرّرة ـ بدأنا النصّ کما يلي:
1ـ التخريجات
خرّجنا النصوص اعتماداً علي مصادرها، وکانت هذه النصوص قد جاءت ضمن مقدمة المؤلف للکتاب، وأيضاً مقدماته لأسانيد شيوخ الکليني، وضمن الفوائد التي ألحقها بهذه الأسانيد، وأيضاً ضمن تعليقاته علي الأسانيد.
2ـ الاسانيد
ذکرنا السند کما جاء في الکافي مع ذکر جميع خصوصياته، وإذا کان السند معلّقاً علي سابقه، وضعنا ما علّق عليه بين قوسين صغيرين، وذکرنا في الهامش: «هذا السند معلّق علي سابقه وأوله…»، وإذا کان مبدوءً بـ «عنه» وضعنا مرجع الضمير بين قوسين صغيرين بديلاً عن کلمة «عنه»، وذکرنا في الهامش: «بداية السند «عنه» والضمير يرجع إلي…»، وإذا کان السند مذکوراً ذيل سند أخر ومعلّقاً في أواخره عليه کمّلنا السند بما عُلّق عليه، ووضعنا التکملة حتي نهاية السند بين قوسين صغيرين.
3ـ التعليقات
نقلنا تعليقات المؤلف التي جاءت في ترتيب أسانيد الکافي إلي المتن، وذکرنا تعليقة کل سند بعد السند، ووضعنا علامة ««» علي العبارة التي علّق عليها وعلامة ««» اخري أول التعليقة، وإذا علّق علي السند الواحد أکثر من تعليقة وضعنا علي العبارة الاولي ««» واحدة، وعلي الثانية «««» وعلي الثالثة ««««».
هذا وقد عثرنا علي تعليقات في تجريد الأسانيد وأيضاً في طبقات رواة الکافي للسيد المؤلف لم تذکر في الترتيب، ذکرنا مجموعة منها في الهامش، وذلک تتميماً للفائدة.
4ـ تعيين مواضع الأسانيد
اعتمدنا في تعيين مواضع الأسانيد علي النسخة التي حقّقها علي أکبر غفاري وقد طبعت في ثمانية أجزاء عام 1373 هجرية.
وذکرنا في تعيينها رقم الجزء والصفحة واسم الکتاب واسم الباب ورقم الحديث.
5ـ النظائر
نظير السند هو ما اتّحد مع السند في کل الوسائط حتي اسم المعصوم ـ عليه السلام ـ ، وإن اختلف التعبير فيه عن بعض الوسائط المتّحدة في الشخص.
في عملية جرد أسانيد الکافي حصلنا علي مجموعة کبيرة من النظائر قد بلغت أکثر من نصف مجموع الأسانيد.
وکان المؤلف ـ قدس سره ـ قد عنون بعض الأسانيد المتحدة في الوسائط أکثر من مرّة، وذلک سبب ما جاء فيها من الاختلاف في التعبير عن بعض الوسائط.
مثلاً عنون سند: «أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان، عن ابن مسکان، عن الحسن بن زياد، عن إبي عبدالله ـ عليه السلام ـ» ثلاث مرات، وذلک لأنّ «الحسن بن زياد» هذا قد جاء التعبير عنه في سندين آخرين بـ «الحسن بن زياد الصيقل» وبـ «الحسن الصيقل»، وقد جاء التعبير عن «صفوان» في السند الأخير بـ «صفوان بن يحيي».
ونحن في ذکر تفاصيل النظير وتکراره اتّبعنا المؤلف، فما فصّله هو فصّلناه، لکن ميزناه بحرف العطف وبخط غير خطّ المتن، ليعرف أنّه متّحد ونظير للذي ذکر قبله.
ذکرنا نظير السند أو نظائره بعد السند وبعد تعليقة المؤلف علي السند، مبدوءة بواو العطف، مقتصرين علي ذکر رقم الجزء والصفحة واسم الکتاب واسم الباب ورقم الحديث، ولم نذکر السند إلا إذا اختلف التعبير فيه عن بعض الرواة وذکر في الکتاب أيضاً.
ففي هذا القسم من النظائر ذکرنا تفاصيل السند بخطّ مميز، ومبدوءً بحرف العطف، ليعرف أنّه متّحد مع ما ذکر قبله.
6ـ المستدرکات
أوردنا ما عثرنا عليه من الأسانيد التي استدرکناها علي الکتاب، وذلک تتميماً للفائدة.
وقد جمع المرحوم الشيخ حسن النوري مجموعة من الأسانيد التي لم تذکر في الکتاب ورتّبها حسب شيوخ الکليني وشيوخ شيوخه وهکذا ثم ألحقها بالکتاب فشکر الله سعيه.
ونحن بعملية جردنا لکل الأسانيد قد حصلنا علي مجموعة کبيرة منها، وذکرنا کل سند في محلّه وميزناه بأن وضعناه بين معقوفتين.
وهذه الأسانيد قسم منها هو نظير لما ذکر في الکتاب فذکرناه مع سنده، وقسم منها مقرون ذکر ضمن سند معنون، وقسم منها لم يذکر لا مستقلاً ولا ضمن سند مقرون.
7ـ الأسانيد المعلولة
ذکرنا الأسانيد المعلولة کما جاءت، وذلک في محالّها من ترتيب الکتاب، وبخطّ مميز، ثم ذکرنا تعليقة المؤلف عليها، وإذا کان المؤلف قد استصوب اسماً من الرواة، وهذا التصويب کان يستلزم نقله إلي محلّ آخر من ترتيب الکتاب، ذکرناه أولاً في محلّة ثم أعدنا ذکره مرّة ثانية في محلّه الآخر.
لقد وقع التصحيف والسقط والزيادة والقلب في جملة من الأسانيد، وکان المؤلف ـ رحمه الله ـ قد أخذها من النسخة التي اعتمدها، فذکرها کما وجدها، ثم علّق عليها ذاکراً الصواب فيها أو ما احتمله من الصواب فيها. کما نبّه علي وقوع الإرسال في جملة منها.
ونحن في عملنا هذا ذکرنا السند المعلول في محلّه کما ذکره المؤلف، وذلک بخط يختلف مع خطّ متن الکتاب، وذکرنا تعليق المؤلف عليه، ثم ذکرنا صوابه في محلة من الترتيب المتّبع.
ذکرنا: «2 / 185 / الإيمان والکفر / 1
أبو علي الأشعري، عن الحسن بن علي الکوفي، عيسي « بن هشام، عن الحسن بن أحمد النقري، عن يونس بن طبيان، عن أبي عبدالله ـ عليه السلام ـ .
وذکرنا تعليق المؤلف بعده وهو قوله: «« صوابه: عبيس بن هشام، کما مرّ في عبيس» ثم ذکرنا هذا التصويب في «عبيس بن هشام، عن الحسين بن أحمد المنقري».
وهکذا في شيوخ الکليني الذين وقع التصحيف في أسماءهم(2).
وأمّا بالنسبة للأسانيد التي ذکر السيد المؤلف بأنّها مرسلة، فقد ذکرنا في الهامش وجه الإرسال فيها.
لقد بني السيد المؤلف ـ قدس سره ـ سلامة السند من الإرسال أو وقوع الإرسال فيه علي ما حدّده هو من طبقات الرواة، أو قرائن اخري مطمئنة.
وکان ـ رحمه الله ـ قد استنتج طبقة مجموعة من مشاهير الرواة من مجموعة من الأسانيد التي قطع بسلامتها من الإرسال والاعتلال، بعد أن عثر علي نظائر کثيرة لها وشواهد وقرائن قوية منحته الثقة التامّة بسلامة هذه المجموعة من الأسانيد.
وبعد أنّ حدّد طبقة کل شخص من هذه المجموعة، وتکوّنت عنده مجموعة، وتکوّنت عنده مجموعة من الثوابت تصلح أن يتّخذها معايير ومقاييس في معرفة طبقات الرواة وتحديدها، أخذ يبحث عن المجموعة الثانية من الرواة من الذين لم يشتهروا ولم تکن لهم روايات کثيرة، فقارن أحاديثهم بأحاديث المجموعة الاولي حتي عرف طبقة مجموعة کبيرة منهم.
وبعد تحديد طبقة هاتين المجموعتين تيسّرت له معرفة الأسانيد المرسلة(3)والمعلولة، ثم الحکم بالإرسال فيها.
ونحن في تحقيقنا هذا قد ذکرنا السبب فيما لو صرّح هو ـ قدس سره ـ بوقوع الإرسال في السند وذلک اعتماداً علي کتابه طبقات رواة الکافي، وقد ذکر فيه 2272 شخصاً قد جاءت رواياتهم في الکافي، وقد حدّد هو ـ رحمه الله ـ طبقتهم فيه.
8ـ المشترکات
لقد حدّدنا کثيراً من المشترکات بمميزات وضعناها بين قوسين صغيرين، وذکرنا في الهامش ما دلّنا علي هذا التمييز، وذلک اعتماداً علي الکتب الرجالية ثم علي کتب اخري، وکل ذلک بعد التيقّن من الاتحاد.
أمّا لو احتملنا الاتحاد ولم نتيقّنه ترکنا المشترک علي حالة، وذکرنا في الهامش ما بنينا عليه هذا الاحتمال.
لقد حدّدنا أسماء کثير من الرواة الذين ذکروا بکناهم أو بألقابهم أو بانتسابهم إلي بلادهم وحرفهم.
إنّ اختيار الکنية والتعبير بها ظاهرة قد حثّ الأئمة ـ عليه السلام ـ : «إنّا لنکنّي أولادنا في صغرهم مخافة النبز(4) أن يلحق بهم(5)».
وقد سادت هذه الظاهرة أوساط الرواة والمحدّثين، فعبّروا ـ أحياناً ـ عمّن رووا عنه بکنية، وبقي هذا التعبير يتداوله راوٍ عن راوٍ حتي عصر الکليني حيث عبّر هو ـ علي الأغلب ـ عن مشايخه بکناهم، کما عبّر عنهم أيضاً بأسماءهم.
ولهذا السبب وغيره قد عرف بعض الرواة بکنيته کما عُرف البعض الآخر بلقبه، وفيهم من عُرف بحرفته أو بلده.
ولمّا کان کتب الرجال والتراجم والفهارس مدوّنة حسب الأسماء عزمنا في مشروعنا هذا أن نبحث عن اسم من جاء بکنيته أو لقبه أو بلده، ونضع اسمه بين قوسين صغيرين، وذلک حفاظاً علي خصوصية السند والالتزام بما جاء فيه، وبهذه العملية استطعنا أن نحدّد أسماء مجموعة کبيرة ممن ذکر بغير اسمه. علماً بأنّنا قد ذکرنا في الهامش ما اعتمدنا عليه في التوحيد.
9ـ الترويسة
ذکرنا اسم الشيخ في التروسية، وأبقينا تعبير الکليني عنه کما جاء في الکافي، وذکرنا تمام السند، بداية من الشيخ حتي نهاية السند.
ذکرنا ـ مثلاً ـ في الترويسة: «أسانيد أحمد بن إدريس الأشعري»، و«أسانيد الحسين بن محمد الأشعري»، وهکذا أسانيد بقية شيوخ الکليني، و«أسانيد عدة من أصحابنا»، و«الأسانيد المرسلة».
10ـ ترقيم الاسانيد
رقّمنا الأسانيد بترقيم واحد، وترکنا نظائر السند بلا رقم، لتعرف أنّها نظائر للسند السابق عليها.
هذا وألحقنا بالکتاب دليلاً للأسانيد، بداية من أول سند جاء في الجزء الأول من الکافي حتي أخر سند جاء في الروضة، ووضعنا مقابله رقم السند في کتاب الترتيب.
والحمد لله أولاً وآخراً تجريد أسانيد الکافي: للسيد البروجردي، الطبعة الاولي، عام 1409 هـ
ترتيب أسانيد الکافي، للسيد البروجردي، الطبعة الاولي، نشر مجمع البحوث الإسلامية، مشهد عام 1414 هـ.
تقريب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، نشر دار الکتب العلمية، بيروت عام 1415 هـ.
تنقيح أسانيد التهذيب: للسيد البروجردي، الطبعة الاولي، قم عام 1411 هـ.
خلاصة الأقوال، للعلامة الحلّي، من منشورات الرضي، قم
الدراية في مصطلح الحديث، للشهيد الثاني، من منشورات مکتبة المفيد، قم
الذريعة إلي تصانيف الشيعة، للعلامة الطهراني، الطبعة الثالثة، نشر دار الأضواء، بيروت
الرجال، للشيخ الطوسي، من منشورات الرضي، قم
الرجال، للنجاشي، تحقيق السيد موسي الشبيري الزنجاني، طبعة مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم عام 1407 هـ
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه، للمولي محمد تقي المجلسي، تحقيق السيد حسن الموسوي الکرماني والشيخ علي پناه الاشتهاردي، نشر مؤسسة کوشانپور، طهران عام 1392 هـ
الصحاح في اللغة، للجوهري، تحقيق أحمد عبدالغفور عطار، نشر دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الثالثة، عام 1404 هـ.
طبقات رجال الکافي، للسيد البروجردي، نشر مجمع البحوث الإسلامية، مشهد عام 1413 هـ
الفهرست، للشيخ الطوسي، من منشورات الرضي، قم
الکافي، للشيخ الکليني، تحقيق علي أکبر غفاري، نشر دار الکتب الإسلامية، الطبعة الرابعة عام 1388
لؤلؤة البحرين، للحقق البحراني، تحقيق السيد محمد صادق آل بحر العلوم، نشر مؤسسة آل البيت ـ عليهم السلام ـ. الطبعة الثانيه
مرآة العقول، للعلامة المجلسي، تحقيق السيد هاشم الرسولي المحلاتي، نشر دار الکتب الإسلامية، الطبعة الثانية عام 1404 هـ
مشيخة النجاشي، للشيخ محمود دُرياب النجفي، الطبعة الاولي، قم عام 1413 هـ
معارج الاصول، للمحقق الحلي، تحقيق محمد حسين الرضوي، نشر مؤسسة آل البيت ـ عليهم السلام ـ، الطبعة الاولي عام 1403 هـ
معالم الاصول، للشيخ حسن ابن الشهيد الثاني، الطبعة الحجرية.
معاني الأخبار، للشيخ الصدوق، تحقيق علي أکبر غفاري، نشر مکتبة الصدوق، طهران عام 1363 شمسية
المعجم الموحّد، للشيخ محمود دُرياب النجفي، نشر مجمع الفکر الإسلامي، الطبعة الاولي، قم 1414 هـ
مقباس الهداية في علم الدراية، للشيخ عبدالله المامغاني، تحقيق الشيخ محمد رضا المامغاني، نشر مؤسسة آل البيت ـ عليهم السلام ـ الطبعة الاولي عام 1411 هـ.
منتقي الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان، للشيخ حسن ابن الشهيد الثاني، تحقيق علي أکبر الغفاري، نشر مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم، الطبعة الاولي عام 1362 شمسية.
المنهج الرجالي، للسيد محمد رضا الحسيني الجلالي، نشرته مرکز النشر التابع لمکتب الإعلام الإسلامي، الطبعة الاولي قم، عام 1420 هـ.
نقباء البشر في القرن الرابع عشر، للعلامة الطهراني، الطبعة الثانية، مشهد عام 1404 هجرية.
الوجيزة، للعلامة المجلسي، طبعة حجرية.
………………………………………………………………………………….
1- بشأن هذه التغييرات والتبديلات راجع فصل «تبويب الکتاب».
2- راجع فصل «مميزات المنهج».
3- بشأن الأسانيد المرسلة راجع منتقي الجمان، ج1، ص 11.
4- النبز ـ بالتحريک ـ : اللقب، الصحاح، ج 3، ص 897، ويکون المعني: مخافة أن يلحق بهم اللقب السوء.
5-. الکافي، ج 6، ص 20، کتاب العقيقة باب الأسماء والکني، حديث 11.