الفصل الثاني: کيفية تأليف الکتاب

 

 

 

إنّ کتابنا هذا هو المجلد الأول من مجلّدات الموسوعة الرجالية التي ألّفها السيد المؤلف ـ قدس سره ـ .

وقبل أن أتناول البحث عن کيفية تأليف الکتاب هذا بالخصوص رأيت من الضروري أن أذکر بعض ما يخصّ بتأليف هذه الموسوعة ـ علي العموم ـ والمراحل التي تمّ فيها تأليفها وتکميلها.

قال الشيخ واعظ زاده تلميذ المؤلف في مقدمة طبعه للکتاب.

«ألّف أکثرها في بلدة بروجرد، ثم لما انتقل إلي قم(1)جدّد النظر فيها في لجنة کانت تخصّ علم الرجال من أشخاص معدودين في داخل البيت، ثم قال: «ثم بعد أن جدّد الاستاذ النظر في هذه الموسوعة الرجالية وضعها تحت يد صديقنا الراحل حجة الإسلام الشيخ ميرزا حسن النوري الهمداني يحرّرها من جديد مع شيء من الإکمال تحت إشراف الاستاذ» وذکر أنّ الشيخ النوري حکي له قصة اتّصاله بالسيد المؤلف، وأنّ السيد المؤلف قال له: «لي کتب ألّفتها، وهي ثمرة حياتي، اريد أن تحرّرها لي من جديد»(2).

قال واعظ زاده: «فأعلن الشيخ النوري استعداده لذلک، فقرّر له الاستاذ وقتاً في کل يوم يحضره في غرفته الخاصة التي کان الاستاذ يعيش فيها ليل ونهار، وکانت حول الغرفة طبقة الکتب التي کان يمرّ عليها دائماً، فأعطاه کتاباً کتاباً، وعلّمه کيف يرتّبها ويکمّلها». ثم قال: «وطال هذا العمل أکثر من خمسة عشر عاماً، وکان الشيخ النوري يعمل عمله مفرداً لا في لجنة، إمّا في بيته وإمّا في بيت الاستاذ(3)».         

فعلي هذا يمکننا أن نقول إنّ هذه الموسوعة ـ ومن جملتها کتابنا هذا ـ قد تمّ تأليفها في ثلاث مراحل: 1ـ مرحلة التأليف 2ـ مرحلة المرجعة 3ـ مرحلة الإکمال والاستنساخ.

ومن الطبيعي أنّ انجاز کل مرحلة من هذه المراحل الثلاث تتطلب تنفيذ خطوات خاصّة بها.

وفي هذا الفصل نذکر تفاصيل بخصوص تأليف الکتاب في هذه المراحل الثلاث:

1ـ مرحلة التأليف، هذه المرحلة تتطلّب الخطوات التالية:

الاولي: تجريد الأسانيد عن متون الروايات، ولا يتمّ تنفيذ هذه الخطوة إلا بعد الحصول علي معرفة أسماء شيوخ الکليني وأسماء من رووا عنه، لأنّ في الکتاب أسانيد مقرونة، أي فيها عدة طرق، وأخري معلّقة علي السابق عليها، وثالثة مبدوءة بـ «عنه» لابدّ فيها من معرفة مرجع الضمير في «عنه» ورابعة مرسلة لم بتدء باسم أحد من شيوخ الکليني(4).

وبناء علي هذه المعلومات تنفّذ هذه الخطوة ويتمّ تجريد قسم کبير من الأسانيد.

الثانية: ترتيب الأسانيد حسب أسماء شيوخ الکيني ،يتمّ تنفيذ هذه الخطوة بمعرفة أسماء کل من ذکر في السند وکناهم وألقابهم، وتمييز المشترک منها ومعرفة طبقة کل واحد منهم بالضبط.

وبناء علي هذه المعلومات يتمّ ترتيب الأسانيد حسب أسماء شيوخ الکليني وأسماء شيوخ شيوخه، وهکذا حتي ينتهي السند باسم المعصوم ـ عليه السلام ـ ، أو ينتهي باسم الراوي الذي أضمر اسم المعصوم ـ عليه السلام ـ ولم يصرّح به، أو توقف في الإسناد ولم يسنده إليه ـ عليه السلام ـ ، وبهذه الخطوة يتمّ الحصول علي النظائر لکل سند.

الثالثة: معرفة الأسانيد المعلولة والتعليق عليها، وبعد تجريد الأسانيد وترتيبها تحصل معلومات قيمة يصحّ أن تجعل المعيار والأساس في معرفة الأسانيد المعلولة.

والعلّة في السند إما بنقص واسطة، أو زيادة واسطة، أو تصحيف اسم، أو قلب اسم، أو تقديم واسطة علي واسطة، وبعد معرفة علة السند يتمّ التعليق عليه.

وبعد أن نفّذت هذه الخطوات الثلاث تمّ تأليف الکتاب في المرحلة الاولي من مراحله الثلاث.

والجدير بالذکر أنّ تأليف هذا الکتاب في هذه المرحلة، يتطلّب جهداً کبيراً، وعملاً متواصلاً، وقدرة علمية هائلة، ومعلومات واسعة.

وکان سيدنا المؤلف ـ قدس سره ـ لوحده قد قام بهذه الهمّة في هذه المرحلة،فوضع الخطّة ورسم المنهج وباشر العمل بنفسه، وبذل الجهد من غير أن يستعين بأحد حتي ألّف الکتاب، فلله درّه.

وبقي هذا الکتاب مدّة من الزمن يستعين به السيد المؤلف في تأليف سائر المجلدات من موسوعته الرجالية، حتي تکاملت هذه الموسوعة.

2ـ مرحلة مراجعة الکتاب، إنّ طبيعة العمل في فنّ معرفة الأسانيد وطبيعة البحث في علم الرجال وأحوال الرواة إذا کانا متواصلين وفي فترة طويلة من الزمن تمنحان صاحبهما خبرة عالية وقدرة علمية هائلة.

وبعد أن تضلّع سيدنا المؤلف في هذا الفنّ وحصل علي خبرة عالية في هذا المجال(5) تفتّحت له أبواب کثيرة وکسب من خلالها معلومات جديدة. فرأي من الضروري أن يراجع الکتاب تتميماً للفائدة. فاستعان باللجنة التي اختارها لتقوم بهذا المهمّ تحت إشرافه.

وقد تمّت هذه المرحلة بالأشکال التالية:

الف: تزويد الکتاب بالمعلومات الجديدة.

ب: التعديلات واختيار الأحسن.

ج: تصحيح ما وقع في الکتاب من الخطأ.

علماً بأنّنا قد عثرنا علي معلومات جديدة وتعديلات وتصحيحات قد طرأت علي الکتاب، وذلک بالمقارنة بين النسخة التي استنسخها الميرزا مهدي الصادقي من الکتاب أوان قدوم السيد المؤلف ببلدة قم، أي عام 1364 هجرية، وبين النسخة التي استنسخها الميرزا حسن النوري بعد عشرة أعوام تقريباً وسيأتي الحديث عن هاتين النسختين تحت عنوان: «بين التجريد والترتيب»، وما فيهما من فروق کثيرة، وأهمّها الاختلاف الکبير في عدد الأسانيد والاختلاف في التبويب.

3ـ مرحلة الإکمال والاستنساخ، وهذه هي المرحلة الأخيرة في انجاز الکتاب، وقد تمّت علي يد الشيخ الميرزا حسن النوري، بعد أن تمّ تأليف الکتاب وانتهت مراجعته.

وقد تحدّث الميرزا حسن النوري في مقدمته لطبعة الکتاب عن عمله علي الکتاب بطلب من السيد المؤلف قائلاً:

«لقد کنت في محضره الشريف في يوم من الأيام عام 1370 فالتفت إلي قائلاً: «لقد بذلت جهداً طويلاً في علم الحديث والطبقات والأسانيد وتحقيقها ونقدها وسردها طيلة أربعين عاماً، وقمت بترتيب أسانيد الکافي والتهذيب، غير أنّه لم يکن بحوزتي کتاب الکافي نفسه، فقد جعلت العلائم والرموز(6) علي متن کتاب مرأة العقول(7)، والذي أطلبه منک الآن تبييض النسخة علي أساس کتاب الکافي نفسه، بأن تستخرج الأسانيد منه، وتضع أرقامها وعلائمها علي الطبعة المتداولة من الکافي،وهي الطبعة الحجرية ذات الأجزاء الثلاثة المطبوعة بطهران قديماً».

کان هذا ما أمرني به، ثم أعطاني نسخته من مرآة العقول التي اشتغل عليها بخطه الشريف(8)، فامتثلت أمره. وشرعت في العمل ابتداءً من أسانيد «أحمد بن إدريس» من شيوخ الکليني ـ رحمه الله ـ فنقلت کل ما وضعه علي متن مرآة العقول إلي موضعه المطابق له في الکافي(9)، لکنّي اضعف الی ما صنعه –رحمه الله –رقم الصفحه و الکتاب و عنوان الباب   فإن تکرّر السند وضعته مرّة في المتن وأشرت إلي موضعه الآخر في الهامش برقم الصفحة والجزء وعنوان الباب، مضافاً إلي بعض التغييرات الاخري، کوضع أسماء النبي والأئمة ـ عليهم السلام ـ بدلاً عن الرموز التي وضعها هو، ووضع علامة «=» بدلاً عن الاسم الصريح للراوي المتکرّر اسمه في الصفحة الواحدة.

وهکذا استمرّ العمل حتي فرغت من أسانيد «أحمد بن إدريس» علي النهج المقرّر، فعرضته عليه ـ قدس سره ـ فسرّ کثيراً، ودعا لي بالتوفيق وأمرني بالاستمرار حتي النهاية(10)».

يعرف من هذا أنّ الکتاب قد تمّ إکماله واستنساخه بالخطوات التالية:

الاولي: تخريج الأسانيد من الکافي وتعيين محالّها منه، لأنّ المؤلف ـ قدس سره ـ کان قد اعتمد في أخذ الأسانيد علي کتاب مرآة العقول وهو شرح للکافي تأليف العلامة المجلسي ـ قدس سره ـ ثم طلب من الميرزا حسن النوري أن يقوم بتخريج الأسانيد من الکافي وفقاً للطبعة الحجرية.

الثانية: تبديل الرموز والعلائم.

کان المؤلّف ـ قدس سره ـ قد استعمل رموزاً ووضع علائم في الکتاب ليتسنّي له کتابة تمام السند في السطر الواحد.

الرموز والعلائم: کان قد رمز لأسماء المعصومين ـ عليهم السلام ـ بالرموز المعروفة، إلا أنّه رمز لأبي جعفر الباقر ـ عليه السلام ـ بـ «فر» ـ بالفاء ـ ولأبي عبدالله ـ عليه السلام ـ بـ «عب»(11).

کما رمز للأسماء والکني والألقاب التي جاءت في أول السند بما يلي: 

 الف: رمز للکني والألقاب المتحدة مع الأسماء بـ «د»(12). فوضع هذا الرمز ـ مثلاً ـ بعد عنوان «أبي العباس الرزّاز» وأيضاً بعد عنوان «الرزّاز» ومعناه أنّ هذين العنوانين متحدان مع «محمد بن جعفر الرزّاز».

ب: رمز للأسماء المصحّفة بـ «ف»، فوضع هذا الرمز ـ مثلاً ـ بعد عنوان «علي بن عبدالله»، ومعناه أنّ هذا العنوان مصحّف، وصوابه: «محمد بن عبدالله».

ج: رمز للأسماء التي استظهر فيها الإرسال بـ «ل»، فوضع هذا الرمز ـ مثلاً ـ بعد عنوان «علي بن إسماعيل»، ومعناه أنّ رواية الکليني عن «علي بن إسماعيل» مرسلة ظاهرا(13).

وکان ـ رحمه الله ـ قد خصّص المقصد الثاني من الکتاب بأسانيد «أحمد بن محمد خالد» و «أحمد بن محمد بن عيسي» و «سهل بن زياد» و رمز للراوي المتوسّط بين الکليني، وبين هؤلاء الثلاثة کما يلي:

1ـ أسانيد أحمد بن محمد بن خالد:

الف: إذا کان الراوي بينه وبين الکليني «علي بن محمد» وضع قبل اسمه «عم».

ب: إذا کان الراوي بينه وبين الکليني «علي بن محمد بن بندار» وضع قبل اسمه «عم بند».

ج: إذا کان الراوي بينه وبين الکليني «علي بن محمد بن عبدالله» وضع قبل اسمه «عم عبد».

د: إذا کان بينه وبين الکليني «عدة من أصحابنا» لم يضع قبل اسمه شيئاً(14).

2ـ أسانيد أحمد بن محمد بن عيسي

الف: إذا کانت الواسطة بينه وبين الکليني «عدة من أصحابنا» وجاء

التعبير عنه بـ«أحمد بن محمد بن عيسي» وضع قبل رقم السند علامة «[».

ب: إذا کانت الواسطة بينه وبين الکليني «عدة من أصحابنا» وجاء التعبير عنه بـ «أحمد بن محمد» مطلقاً، وضع بعد رقم السند علامة «]».

ج: إذا کان الراوي بينه وبين الکليني «محمد بن يحيي» لم يضع شيئاً(15).

3ـ أسانيد سهل بن زياد

ألف: إذا کان الراوي بينه وبين الکليني «محمد بن جعفر(16)» وضع قبل اسمه «مج».

ب: إذا کان الراوي بينه وبين الکليني «محمد بن الحسن» وضع قبل اسمه «مح».

ج: إذا کان الراوي بينه وبين الکليني «علي بن محمد» وضع قبل اسمه «عم».

د: إذا کان الراوي بينه وبين الکليني «عدة من أصحابنا» لم يضع شيئاً(17).

هذا وقد ذکر الميرزا حسن النوري في مقدمته لطبعة الکتاب أنّ السيد المؤلف ـ قدس سره ـ کان قد وضع علامة «=» بدلاً عن إسم الراوي الذي تکرّر في الصفحة الواحدة(18).

هذا کل ما عثرنا عليه من الرموز والعلائم التي استخدمها السيد المؤلف في الکتاب، وفي هذه الخطوة قد تبدّلت کل هذه الرموز والعلائم. الثالثة: نقل النظائر إلي الهامش.

لقد تمّت هذه المرحلة بالإشارة إلي النظير أو النظائر للسند الواحد، وذلک بذکر اسم الکتاب واسم الباب ورقم الصفحة من مجلدات الفروع أو الاصول عن الکافي، ولم يذکر السند نفسه. وقد اکتفي في ذکر بعض النظائر بذکر عددها فقط. کما ترکت بعض النظائر في المتن ولم تنقل إلي الهامش.

الرابعة: الاستنساخ،

تمّ استنساخ الکتاب في 400 صفحة من القطع الکبير، أي 28 سم في 16 سم. وتتراوح الأسطر في الصفحة الواحدة بين 30 و 31 سطراً.

والنسخة مصدّرة بمقدمة المؤلف ـ قدس سره ـ ، کان قد کتبها مرّة ثانية وبعد إکمال الکتاب.

والصفحات مجدولة، جاء في الجدول الأول رقم المجلد والصفحة من الکافي، وفي الثاني اسم الکتاب، وفي الثالث اسم الباب، وجاء السند في الجدول الرابع.

وفي أغلب الصفحات ترويسة تشتمل علي اسم شيخ الکليني، وفي العمود الأول من الجدول الرابع اسم شيوخ شيخ الکليني وهکذا حتي نهاية السند.

وفي مجموعة من الأسانيد قد اشتملت الترويسة علي اسم شيخ الکليني واسم شيخ شيخه وفي العمد الأول من الجدول اسم الراوي الثالث من السند، وفي العمود الثاني اسم الراوي الرابع من السند، وهکذا .

  وقد جاء في نهاية النسخة تاريخ الفراغ من استنساخها، وهو: شهر ربيع الثاني سنة 1373 هجرية. لکن في صفحة 351 منها وجدنا تخريجات من الطبعة المحقّقة من الکافي، وقد صدّرت هذه الطبعة بمقدمة حسين علي محفوظ التي کتبها عام 1374، کما نجد أيضاً في صفحة 434 منها تخريجات أخري وفقاً لهذا الطبعة، ومن هذا يعرف أنّ النسخة قد زيد فيها بعد سنة 1374.

هذا وقد سمعت من الشيخ واعظ زاده أنّه رأي عند الميرزا حسن النوري بطاقات کان قد کتب عليها الأسانيد يستعين بها في إکمال الکتاب واستنساخه.

………………………………………………………………………….

1- لقد جاء في هذه المقدمة أنّ دخول السيد المؤلف بلدة قم کان في عصر الخميس 29 صفر سنة 1364 هجرية. راجع ترتيب أسانيد الکافي، ص 22.

2- سيأتي الحديث عن عمل الميرزا حسن النوري علي الکتاب في بحث عن مرحلة الاکمال والاستنساخ في هذا الفصل.

3- مقدمة طبعة ترتيب أسانيد الکافي، ص 58 و 59.

4- وسيأتي الحديث عن هذه الأنواع في فصل «منهج التأليف».

5- لقد سمعت من بعض تلاميذه أنّه ـ قدس سره ـ کان يعدّ الرواة بأتامله، ويذکر طبقة کل واحد منهم.

6- سيأتي الحديث عن هذه العلائم والرموز بعد قليل.

7- لقد کان المؤلف ـ قدس سره ـ قد اعتمد في تأليف کتابه هذا علي کتاب مرآة العقول وهو شرح للکافي، وقد أخذ الأسانيد منه، لأنّه لم يکن عنده کتاب الکافي، فعبّر الشيخ النوري عن کتاب المؤلف ـ رحمه الله ـ بـ «متن کتاب مرآة العقول»، وسيأتي بعد قليل ما يوضّح المقصود.

8- أي نسخته من الکتاب التي کتبها معتمداً في أخذ أسانيد علي کتاب مرآة العقول.

9- أي تخريج الأسانيد من الکافي وتعيين محالّها منه، وذلک وفقاً للطبعة الحجرية.

10- ترتيب أسانيد الکافي، ص 79.

11- راجع التجريد، ج 1، ص 3.

12- لقد جاء في ترتيب أسانيد الکافي، ص 124 «ک» بدل «د».

13- جاءت هذه الرموز موضّحة في التجريد، ج 1، ص 61.

14- راجع التجريد، ج 2، ص 426.

15- راجع التجريد، ج 2، ص 498.

16- ويعتبر عنه في کثير من أسانيد بـ«محمد بن أبي عبدالله».

17- راجع التجريد، ج 2، ص 660.

18- راجع ترتيب أسانيد الکافي، ص 79.

 

 

 

پاسخی بگذارید