الصلاة في اللباس المشكوك

 

 

 

تقريرات درس آية‏اللّه‏ العظمي سيّد حسين بروجردي

مقرّر: سيّد عبدالرسول شريعتمداري جهرمي

به اهتمام سيّد حسن فاطمي

از جمله مباحث مورد اختلاف ميان فقها، صحّت نماز در لباس مشكوك است. از اين جهت كه آيا از حيوان حلال گوشت تهيه شده يا حرام گوشت؟

حكم اين مسئله در مواردي چون: شك در طلاباف يا ابريشمي بودن و در اين كه از حيوان حرام گوشت است يا غير حيوان، يكي است.

بحث فوق، يكي از محورهاي درس خارج فقه آية‏اللّه‏ العظمي بروجردي (حدود 1371 ق) بوده كه توسط آية‏اللّه‏ سيّد عبدالرسول شريعتمداري جهرمي به نگارش در آمده است.

بسم اللّه‏ الرّحمن الرّحيم و به نستعين

لوشك المكلّف في جنس مايلبسه في الصلاة أنه من حيوانٍ مأكولِ اللحم حتي تكونَ الصلاة فيه صحيحةً أو من غير المأكول حتي تكونَ باطلة، فهل يُحكم ببطلان صلاته و وجوب الإعادة عليه لأجل الشك في فراغ الذمّة أو يحكم بصحّتها لعدم العلم بكونه مانعا عن الصلاة؟

و هذه المسألة لاتختصّ بما إذا شك في أنه من غير المأكول بل تعمّ ما إذا شك في كونه حريرا أو ذهبا أو غيرَهما؛ بل فيما إذا شك في كونه من الحيوان الغير المأكول أو من غير الحيوان.

و لم نجد المسألة معنونة في كلام مَن تقدمَ علي المحقق؛ حتي يعلم فتاويهم فيها و إنّما

ذكرها المحقق و حكم بعدم إجزاء الصلاة و اشتهر بعده هذا الحكم بين العلماء إلاّ أن صاحب المدارك1 ناقش فيه.

و كان هذا الحكم مشهورا إلي زمان الميرزا الشيرازي حيث ذكر لتصحيح الصلاة وجوها فاشتهر الحكم بالصحّة بين العلماء المتأخرين عنه إلاّ أن بعض المحققين(2) أفتي ببطلان الصلاة.(3) و لاحاجة إلي استقصاء الأقوال في المسأله؛ لعدم كونها في زمان المعصوم بل يكون هنا قواعدُ في تصحيح الصلاة لابد من النظر و التأمّل فيها.

استدلال العلاّمة علي بطلان الصلاة في اللباس المشكوك

و استدلّ العلاّمة(4) علي بطلان الصلاة بأنها مشروطة بستر العورة بما يؤكل لحمه فلابدّ من إحراز الشرط حتي يستيقنَ بإتيان الصلاة المأمور بها. فإذا صلّي فيما يشك معه في فراغ الذّمة يحكم العقل بعدم كفايتها و وجوب إعادتها ثانيا مع الشرط.(5)

و في كلامه اختلال من جهات:

أولاً، أنه جعل بطلان الصلاة في اللباس المشكوك متفرعا علي شرطية ستر العورة بما يؤكل مع أنه متفرّع علي شرطية كون مطلق اللباس ـ ساترا كان أو غيره ـ مما يؤكل.

و ثانيا، ليس الشرط كونَ اللباس مما يؤكل بل الشرط عدم كونه من غير المأكول؛ سواء كان من المأكول او غيره كالقطن.

و ثالثا، كون اللباس ممّا لايؤكل مانعٌ، لاعدمه شرط؛ إذ الشرط مايكون وجوده دخيلاً في تأثير المقتضي و محضُ العدم ليس قابلاً لكونه دخيلاً في التأثير؛ فليس قابلاً بجزئيّته لشيء و شرطيّته بل الوجود مانع عن صحة الصلاة لأجل وجود حزازة و منقصةٍ توجب أن لا تكونَ الصلاةُ كاملة و واجدةً لمصلحتها بحيث تصلح أن تكون مأمورا بها.

هذا، ولكنّ الاختلالَ ليس في أصل الدليل بل في التعبير و هو مبنيٌّ علي المسامحة في الاستدلال. فيمكن تقريره بوجه يسلم عن الإشكال و الاختلال؛ كما صنعه غيرُه بأن يقال: انطباق

الصلاة المأتي بها علي الصلاة المأمور بها غير معلوم؛ لوجود ما يحتمل كونه ضارّا بصحّتها و مخلاً بكونها مأمورا بها فيحكم العقل بعدم اجتزاءها و وجوب إعادتها تحصيلاً للبراءة اليقينيّة ممّا اشتغلَت الذمّة به يقينا و ليس مجرّد إثبات كون ما لايؤكل مانعا لا عدمه شرطا كافيا في الحكم بالصّحة لاستصحاب عدم المانعيّة؛ لأن جريانَ الاستصحاب مشروط بوجود حالة سابقة علي الشك. كما سيجيء في بيان الأدلّة.

التمسك بالبراءة لتجويز الصلاة في اللباس المشكوك

ثم إن الخروج من هذا الأصل يحتاج إلي أصلٍ آخر حاكمٍ عليه. فممّا يتمسّك به البراءة و تقريره بوجهين:

الأوّل، إجراء البراءة في الشبهات الحكميّة

بأن يقال: إن الظاهر ممادلّ علي منع لبس غير المأكول في الصلاة مثل «لاتصلّ في جلد ما لايُشرَب لبنه و لايؤكل لحمه»(6) و مثل «لاتجوز الصلاة في شعر و وبر ما لايؤكل لحمه» هو المنع عن الصلاة فيما علم كونَه من غير المأكول لا غير المأكول الواقعي؛ إمّا بدعوي أن الألفاظ أسامٍ للمعلومات أو بدعوي الانصراف. فالدليل دالّ علي مانعية المعلوم كونه غيرَ مأكول و ساكتٌ عن مانعية الغير المأكول الواقعي و حينئذ فالشك في كون المشكوك مانعا ليس شكا في مصداق ما يمنع عن الصلاة و إنما هوشك في الحكم الشرعي الكلّي و هو أن الشارعَ هل جعل لبس غير المأكول الواقعي مانعا عن الصلاة أم لا؟ فتجري البراءة العقلية و الشرعيّة علي التحقيق و البراءة الشرعيّة فقط علي مذهب الأُستاد صاحب الكفاية؛(7) لأن المولي إذا أمر بمركّب له أجزاء و شرائط فأمره منبسط عليها فكلّ واحد منها يكون تحت بعض الأمر و مأمورا به بالأمر الضمني الواقع عليه. فإذا كان بعضها معلوما و بعضها غيرَ معلوم فلا مانع من أن يكون العلم بالبعض منجّزا للأمر بالكلّ بالنسبة إليه و عدمه بالآخر مانعا عن تنجّزه بالنسبة إليه؛ لحكم العقل بقبح العقاب من دون بيان؛ لأنّه لو فرض أن للأمر مخالفاتٍ عديدة بعدد تمام الأجزاء بعضها بترك بعض الأجزاء المعلومة و بعضها بترك الأجزاء المجهولة فالعقل يحكم بأنّ تركه من جهة ترك

الأجزاء المعلومة سببٌ لاستحقاق العقوبة علي مخالفة الأمر، ومن جهة ترك الأجزاء المجهولة لايكون كذلك؛ كما يظهر الحال بالمراجعة إلي موالي العرفيّة بالنسبة إلي عبيدهم و إلاّ فلو لم‏يحكم العقل بعدم وجوب الإتيان بالمشكوك بل استقلّ بوجوب إتيانه فرارا عن العقاب المتحمل لم‏يكن لنا طريق إلي إثبات عدم المؤاخذة بأخبار البراءة؛ كما كنّا نستشكل علي أستادنا و هذا البيان لتقرير البراءة يظهر في الجمله من المدارك(8) و صرّح به المحقق القميّ.

أقول: و هذا التقرير لجريان البراءة يحتاج إلي التوضيح؛ لئلاّ يقال: إنّ هذا لوفرض صحّته فإنما هو في الأجزاء فقط ؛ لأنّ الشروط واجبة بالوجوب الغيري و لم تكن في عرض الأجزاء و منضمة إليها ليكون بعض الأمر واقعا عليها.

مضافا بأن لبس غير المأكول مانعٌ عن الصلاة و لاعدمه شرط و توضيحه، كما يظهر منه ـ دام‏ظله ـ في ضمن المباحثات الآتية و بيّن لي بعضُ الفضلاء بأن يقال: الشروط و الموانع و إن لم تكن في نفسها كذلك إلاّ أنّ تقيد المأمور به بقيد وجودي أو عدميّ يلاحظ جزءً فهو كسائر الأجزاء. فكما أنّ الأمر منبسط علي الأجزاء الخارجية و كل واحد منها تحته، كذلك تقيدها بالشروط و الموانع ملحوظ في عرضها و يكون الأمر واقعا عليه أيضا.

و لكن لما كان التقيّد أمرا انتزاعيا و تحققه بنفس تحقق القيد و خارجيّته كان القيد في الحقيقة مأمورا به بالأمر الضمني الواقع علي التقيد. ففي المقام يشك في أن الصلاة المأمور بها يجب أن تكون متقيدة بعدم لبس غير المأكول الواقعي أم لا؟ فإجراء البراءة فيه ينتج عدم العقاب عليه.(9)

و الجواب عنه واضح. فإن الأحكام تتعلّق بالموضوعات الواقعيّة و ليس للعلم فيها مدخل قطعا و إجراء أصالة الإباحة في الشبهات الموضوعيّة التي هي مفاد كلّ شيء فيه حلال و حرام(10) شاهد علي أن متعلّق الأحكام الواقعيّات و إلاّ فلا احتياج إلي إجراء أصالة الإباحة في المشكوكات و أيضا حجيّة قول الثقة و خبر العدلين فيها شاهد عليه.

الثاني: إجراء البراءة العقلية في الشبهات الموضوعية

الوجه الثاني لإثبات جواز الصلاة في اللباس المشكوك إجراء البراءة العقلية في الشبهات

الموضوعية بعد تسليم أن الألفاظ أسامٍ للواقعيات و لم يكن في المقام انصرافٌ للنهي إلي المعلوم منها. و تقريبه يحتاج إلي إثبات مقدّمات:

الأُولي: أنه لا فرق في جريان البراءة العقليّة في المجهول بين الشبهة الحكميّة و الموضوعيّة؛ فكما تجري فيما إذا لم يعلم بحرمة موضوع كلي مثل شرب التتن كذا تجري فيما إذا اشتبه أن هذا المايع خمر أو خلّ؛ لأجل عدم الحجّة علي وجوب الاجتناب عن هذا الشيء المشكوك.

الثانية: إجراء البراءة في الأقلّ و الأكثر الارتباطيين بالتقريب المتقدم.

الثالثة: إلحاق الموانع بالأجزاء في جريان البراءة باعتبار تقيّد الأجزاء بعدمها و كونِ التقيّد ملاحظا مع الأجزاء الخارجية؛ كمّا مرّ بيانه.

فحينئذٍ يقال: لانعلم أن هذا الثوب مانع أم لا؟ باعتبار الشك في كونه من المأكول أو من غيره. فنحكم بأن عقاب المولي علي ترك الأمر بالصلاة باعتبار إتيانها في غير المأكول واقعا ـ لوكان كذلك ـ قبيح. فكما ذكرنا في الشك في الأحكام أن للأمر مخالفاتٍ بعدد كل جزءٍ و شرط ـ بعضها معلوم فيتنجّز به الأمر و بعضها غير معلوم مانع عن تنجزه بالنسبة إليه فيرفع عقابه بقبح العقاب من دون بيان ـ كذلك نقول هاهنا: إن للأمر بعدد كل من مصاديق المانع مخالفاتٍ بعضها معلومٌ بسبب العلم بأنّ هذا الشيء مصداق للمانع فيتنجّز به الأمر و بعضها غير معلوم بسبب الجهل بأن هذا الشيء مانع. فالعقل يحكم بأن عقاب المولي علي ترك الأمر بالصلاة بسبب إتيانها في المشكوك مانعا قبيح مثل حكم العقل بقبح العقاب علي مخالفة شرب الخمر لو شرب المايع المشكوك في كونه خمرا.

هذا، ولكنّ المقدمة الأُولي و إن تسلّمها الشيخ(11) و من تأخّرعنه إلاّ أنه بعد محلُّ تأمّل و إشكال. فإن المولي إذا أمر عبدَه بإكرام جميع أقرباءه فأكرم العبد مَن علم بكونه قريبا لمولاه و ترك إكرام من جهل بكونه قريبا، لم يكن معذورا عند مولاه و لم ينفعه ما ذكر في وجه المقدّمة من أنّ تنجّز التكليف لهذا الفرد موقوف علي العلم به و العلم به متوقف علي العلم بالصغري و الكبري؛ فإذا لم يعلم بالصغري ـ و هي أن هذا الشخص قريب لمولاه ـ لم يتنجّز عليه التكليف و العقل السليم لايحكم بأن عقاب المولي هذا العبدَ قبيح.

و السّرّ فيه أن العبد علم بما هو وظيفةٌ للمولي و هو بيان الحكم فيتنجز عليه أينما كان و ليس بيان أنّ هذا الشيء مصداقٌ لموضوع الحكم وظيفةً للمولي. فلواحتمل العبد بكونه موضوعا للحكم يجب عليه الاحتياط؛ لأن الاحتمال منجّز في مثل هذا المقام إلاّ أن يرخّص فيه الشارع.

و ليس الأمر كما يقال من أن الاحتمال ليس قابلا للتنجيز؛ فإنه قد يكون الاحتمال منجّزا كاحتمال نبوّة من يدّعيها و كاحتمال التكليف قبل الفحص؛ فإن التكليف حينئذٍ منجّز من جهة الاحتمال لامن جهة وجوب الفحص نفسا.

و الحاصل: أن ما هو المناط في حكم العقل بقبح العقاب مفقودٌ هنا.

و استدل الشيخ(12) في الرسائل علي عدم وجوب الاحتياط في الشبهات الموضوعيّة أوّلاً بالأخبار الخاصّة و ثانيا بالأخبار الدّالة علي البراءة مطلقا؛ مثل «رفع مالايعلمون» بناءً علي شموله للشبهات الموضوعية و ثالثا بالكتاب و العقل. ثم ذكر الجواب عمّا يتوهم في جريان حكم العقل من أنّ الشارع بيّن حكم الخمر مثلا فيجب الاجتناب عن كلّ ما يحتمل كونه خمرا مقدّمةً للاجتناب عن الخمر بأنّ النهي عن الخمر يوجب حرمةَ الأفراد المعلومة إمّا تفصيلاً و إما إجمالاً؛ و الأوّل لايحتاج إلي مقدّمة علميّة والثاني يحتاج إلي الاجتناب عن أطراف الشبهة فقط؛ فإذا لم يُعلم أن هذا المايعَ خمر أو خلّ لم يكن هنا معلوم بالاجمال حتي يجب الاجتناب عن هذا مقدّمةً بل مشكوك بالشبهة البدويّة؛ فيكون العقاب علي هذا عقابا بلاحجّة. و بيان هذا محصّل ما أفاده.

و فيه أن المولي إذا نهي عن شيء فرض أن النهي يتعلّق بالواقع. ولذا ذكر المحقق الخراساني(13) في شرح كلام الشيخ: أي يوجب حرمتها بالخصوص علي نحو التنجّز و إلاّ فلا اختصاص للحرمة الواقعيّة بما علم من أفرادها فنهيهُ يوجب الزجر عن الواقع مطلقا و ليس المقام موردا لحكم العقل بقبح العقاب علي المجهول؛ لأن العقاب يكون حسنا فيما إذا عُدّ المكلف عاصيا عُدّ بأمر المولي و قبيحا في ما إذا حكم العقل بأنّه غير عاصٍ و غير طاغٍ. فإن المناط في استحقاق العقوبة كون الإقدام في الفعل ظلما و طغيانا علي المولي و تحقق هذا الحكم العقلي في ما إذا لم يعلم المكلّف بما يجب أن يصدر من المولي مما أراده أو كرهه بديهيّ بحيث لايحتاج إلي إثبات شيء آخر و جعله وسطا و أمّا في مثل المقام مما إذا علم العبد بأن الموالي كره الخمر مطلقا و لم يعلم أنّ هذا خمر أم لا. فحيث إن بيانه ليس وظيفة للمولي فلا يحكم العقل بقبح العقاب عليه بل يجب أن يعمل بمقتضي عقله من وجوب تركه؛ لاحتمال كونه خمرا مبغوضا للمولي.

حديث الرفع

و ممّا استدل به علي صحة الصلاة في اللباس المشكوك حديث الرفع؛ بتقرير أن يقال: إنه قد تقرر في الأُصول أن الرفع هنا رفع تشريعي لظاهر قوله9: «رفع عن أُمتي» المراد به ليس في شريعتي هذه الأُمور و انطباق عنوان ما لايؤكل علي هذا اللباس و كونه مصداقا له غير معلوم فيحكم برفع عنوان ما لايؤكل عن هذا اللباس و لمّا كان عنوان ما لايؤكل أمرا تكوينيا ليس قابلاً للرّفع التشريعي كان معني رفعه تشريعا رفع أحكامه و آثاره الشرعية و منها المانعيّة للصلاة ففي موارد الشك ليس عنوان ما لايؤكل مانعا عن الصلاة و هذا إمّا بأن يقال: المراد بالموصول في «رفع ما لايعلمون» خصوص الموضوعات بقرينة السياق؛ كما ذكره الشيخ و أما المراد به أعم من الموضوع و الحكم؛ كما هو المختار.

و يمكن أن يقال: المراد به خصوص الأحكام؛ غاية الأمر يعمّ الأحكام الكليّة و الجزئيّة فحينئذ مانعية هذا اللباس المشكوك أيضا غير معلومة فتكون مرفوعة.

و يمكن أن يجاب عنه بأن الظاهر من رَفْع مالا يعلمون، رفعُ ما يكون تضييقا من ناحية الشارع علي المكلف و من شأنه أن يعلم به في حال عدم العلم و ببيان آخر الرفع هنا رفعٌ تشريعيّ و المراد رفع ما يكون بيانه من وظيفة الشارع و يحتاج الناس إلي بيانه. فيختصّ مورده بالأحكام الكليّة.

الاستصحاب

و من جملة ما استدلّ به علي صحة الصلاة الاستصحاب؛ بأن يقال: إنّ كون المصلّي لابسا لغيرَ المأكول مانع عن صحة انطباق عنوان الصلاة علي المأتي به أو عدمَ كونه لابسا له شرط فيه و لكن إذا شكّ في كون ما يلبسه من غير المأكول أم لا، يستصحب عدمُ كون المصلي لابسا له؛ لوجود حالة سابقة له و هي حالة عدم كونه كذلك في الزمان المتقدم علي لبسه و أيضا يمكن استصحاب عدم كون اللباس من غير المأكول سواء كان العدم شرطا أو نقيضه مانعا و لكن هذا فيما إذا علم بأن اللباس من أصله من غير مالا يؤكل و شك في تلطّخه بشيء من غير المأكول؛ لا فيما كان الشك في أصل اللباس؛ لعدم حالة سابقة له.

و فيه أن المانع هو كون الصلاة في غير المأكول؛ فهو وصف لأصل الصلاة لا للمصلّي و لا للباسه. بعبارة أُخري إن المانع عن صحة انطباق الصلاة يمكن أن يعتبر وصفا للمصلّي بأن يكون الواجب عدمَ كون المصلّي لابسا له و يمكن أن يعتبر و صفا للباسه بأن يجب عدم كون اللباس من غير مأكول اللحم و يمكن أن يعتبر وصفا لأصل الصلاة بأن لاتقع الصلاة فيه.

و المقصود في كل منها و إن كان بيانَ المانع عن صحة انطباق الصلاة إلاّ أنه يختلف بالاعتبار

و الظاهر من الأدلة مثل قوله7: «لاتصلّ فيما لايؤكل لحمه»(14) و قوله: «لايجوز الصلاة في وبره و شعره»(15)، هو الثالث و رواية سماعة(16) و إن كان يظهر من كلمة «لا تلبسوا منها» أن المانع هو الأوّل إلاّ أنّ ما ذكر بعده وجعل حالاً له و هو قوله7: «تصلّون فيه» يدل علي أن المراد هو الثالث. و الأول و الثاني و إن كان يجري فيه الاستصحاب إلاّ أنهما ليسا موردا للحكم و لايجدي استصحابهما في إثبات عدم وقوع الصلاة في غير ما يؤكل؛ لكونه مثبتا؛ إذ ليس استصحاب المثبت منحصرا في ما كان المتلازمين المثبت أحدهما باستصحاب الآخر متمايزين في الوجود بل يكون مورده أيضا فيما كان شيء واحد له اعتباران: أحدهما موضوع للحكم و لم يكن مستصحبا و الآخر ليس موضوعا. فباستصحابه لايثبت الأوّل و أمّا الثالث فليس له حالة سابقه؛ لأن الصلاة وجدت إما في المأكول أو في غيره.

نعم، أصل عدم وقوع الصلاة في غير المأكول بنحوِ «كان» التامّة و إن كان له حالةٌ سابقة معلومةٌ فيجوز استصحابه إلاّ أنه لايجدي أيضا في إثبات أن هذه الصلاة لم تقع في غير المأكول إلاّ علي القول بالأصل المثبت؛ لأنّ في الأوّل استصحاب للعدم المحمولي و المقصود إثبات العدم الرابطي إلاّ أن يقال: عدم كون هذه الصلاة في غير المأكول كان معلوما لكنه من قبيل السالبة بانتفاءِ الموضوع. فمعلوميّة عدم كونها فيه بمعلوميّة عدم وجودها أصلاً.

و فيه أن دليل حجيّة الاستصحاب لاتنهض لإحراز ما كان من هذا القبيل؛ لعدم مساعدة العرف علي هذا النحو من القضيّة؛ إذ العرف يحكم بأن المحمولَ مسلوبٌ عن الموضوع الموجودِ في القضية السالبة كالموجبة.

وقد يقال: إن هذا القسم من الاستصحاب لايجري في أوّل الصلاة ولكن إذا كان مشتغلاً بالصلاة فأُلقي عليه ثوبٌ لايعلم كونه من المأكول أم لا؛ يتمّها لكونها بالنسبة إلي باقي الأجزاء مسبوقةً بالعدم.

و فيه أن الصلاة إن كانت عبارةً عن الأجزاء بالأسر فلا تتحقق إلا بتحقق تمام الأجزاء و ليس لها وجود استمراري. فعدم جريان هذا النحو من الاستصحاب واضح؛ إذ ما لم يوجد الأجزاء بتمامها لم يكن ما أتي به من الأجزاء صلاةً و إن قلنا بأنه عبارةٌ عن التوجّه إلي اللّه‏ تعالي و هو يتحقق بأوّل جزء من الصلاة و يستمرّ إلي آخر الأجزاءِ و مثل لبس غير المأكول مانع عن هذا التوجّه فبعد تسليم جريان الاستصحاب فيه لايتمّ في هذا المقام؛ لأن الظاهر من قوله: «لاتصلّ فيما لا يؤكل» و «لايجوز الصلاة فيه» أن المطلوب عدم وقوع تمام الأجزاء من البدو إلي الختم في غير المأكول فيجب إحرازه.

أصالة الحلّيّة في الشبهات الموضوعية

و استدلّ علي صحة الصلاة في المشكوك بأصالة الحلّية في الشبهات الموضوعيّة التي يستفاد من الأدلّة النقليّة؛ مثل قوله7 في رواية عبداللّه‏ بن سنان الواردة بعد السؤال عن الجبن: «كل شيءٍ فيه حلال و حرام فهو لك حلال أبدا حتي تعرف الحرام منه بعينه»(17) و هو ظاهر في أن ما كان له صنفان: صنف حلال و صنف حرام فاشتبه فرد و لم يعلم أنه من الصنف الحلال أو من الصنف الحرام فهذا الفرد المشتبة حلال. فهذه الرواية متكفّل لبيان الشبهة الموضوعية فقط.

و مثل قوله(ع) في رواية مسعدة بن صدقة: «كل شيء هو لك حلال حتي تعلم أنه حرام بعينه».(18) و الأمثلة التي ذكرها الإمام(ع) بعد هذا الكلام و إن كان لاينطبق علي أصالة الإباحة إلا أن في عموميّة الصدر و دلالته غنيً و كفاية.

و كذا الروايات الواردة في موارد خاصّه مثل ما ورد في الأموال المشتبهة و غيرها.

تقرير الاستدلال بها بوجوه ثلاثة:

الأول: أن الحيوان الذي أُخذ منه هذا اللباسُ مشكوك الحليّة و الحرمة فيحكم عليه بالحليّة فيترتّب عليه جوازُ الدخول في الصلاة و صحّتُها مع اللباس المأخوذ منه؛ لأن الشك في الجواز مسبّب عن الشك في الحليّة فالحكم بالحليّة في جانب السبب يترتّب عليه الحكم بالجواز في جانب المسبب.

و فيه أوّلاً: أن الحيوان الذي أُخذ منه اللباس ليس مشكوكا بنفسه حتي يجري فيه الأصل. فإن كونه من القسم الحلال أو الحرام معلوم و إنّما الشك في أنه مأخوذ من أيّهما. نعم، لوفرض أن الحيوان بنفسه مشكوك ـ كأن يكون هنا حيوان و لم يُعلم أنه من الحلال أو من الحرام ـ لايتوجه عليه هذا الإيراد.

و ثانيا: أن حرمة أكل اللحم ليست سببا لعدم جواز الصلاة في وبره. و بعبارة أُخري ليس

المانع وبر غير المأكول بعنوانه الثانوي يعني بعنوان أنه غيرُ مأكول بحيث يكون عدم جواز الصلاة فيه مترتبا علي حرمته؛ بل المانع هو وبر ذوات هذه الحيوانات بعنوانها الأوّلي و التعبير في لسان الأدلة ب··«غير المأكول» لأجل الإشارة به إلي الذوات و لذا قديعبّر في غير واحد من الأخبار بنفس الذوات ؛ فيقال: «وبر الثعالب و الأرانب» فحينئذ التمسّك بحليّة الأكل بالنسبة إلي ذات الحيوان مثبت.

و ثالثا: و لو سلم كون الحكم مترتبا علي هذا العنوان لكن نقول: إن المراد بحلية أكل اللحم الحلية واقعا. و بعبارة أُخري غير المأكول واقعا موضوع للحكم لاخصوص ما حرم أكله فعلاً و إلاّ فلو اضطرّ الشخص إلي أكل حيوان محرّم بحيث رفع حرمته عنه لزم الحكم بجواز اللبس بالنسبة إليه أيضا و لاأقلّ من الشك في أن المراد من الحرمة خصوص الفعلية أو الواقعيّة فيمتنع التمسك أيضا.

ولايخفي أنّ مفاد هذا التقرير الحلّيّة التكليفية.

الثاني: و هو ما وجدناه في كلام المحقق القمي(19) بأن يقال: إنا إذا شككنا في أن هذا المايعَ الخارجي خمرٌ أو شيء آخر فكما يحكم عليه بالحلّية، لجريان كل شيء فيه حلال و حرام… كذلك يحكم بحلّية لباس شك في كونه من الفرد الحرام أو الجائز.

و إطلاق الحلية و الحرمة علي هذا النحو من الجواز و عدمه من الحكم الوضعي شايع في عرف الأئمة:؛ لأن المراد من حرمة شيء محرومية الإنسان و ممنوعيّته منه. فإذا منع الشارع من شيءٍ يقال: حرّمه و هذا الشيء حرام و كذا مايشتق منه مثل الحريم و الحرم و يقابله الحلّية بمعني عدم المنع؛ سواء كان معه حكم آخر و هو ترخيص الشارع أولم يكن في البين ترخيص. فالتقابل بين الحلية و الحرمة تقابل العدم و الملكة. فإذا شك في أن هذا اللباس من أفراد الممنوع فيه الصلاة أو من أفراد الغير الممنوع فلم يعلم أنه حلال أو حرام فيحكم عليه بالحلّية أي بعدم الممنوعيّة في لبسه ظاهرا.

الثالث: قد ذكرنا أن الأمر واقع علي جميع الأجزاء و منبسط عليها و كل جزء من المركب واقع تحت بعض الأمر و مأمور به بالأمر الضمني الواقع عليه و لا مانع من أن يكون الأمرُ الواقع علي المركب منجّزا ببعضه و تركُه بترك البعض موجبا لاستحقاق العقاب عليه إذا كان البعضُ معلوما و غيرَ موجب لاستحقاق العقاب عليه بترك بعضه الآخر إذا كان مجهولاً. و علي هذا بنينا الرجوع إلي البراءة في الأقل و الأكثر الارتباطيّين.

و هكذا الأمر في الشرائط و الموانع؛ فإن الشرائط ليست دخيلةً في صحة انطباق الصلاة علي الأجزاء واقعا بحيث يكون شرطا عقليا و الشارع كشف عنها و أمر بها للإرشاد؛ لقصور العقل؛ كما ذهب إليه المحقق صاحب الكفاية(20)بل هي شرائط شرعيّة و الشارع طلب الأجزاء التي هي صلاة من المكلف و أمره بإتيانها متقيّدا بقيود وجوديّة مثل الطهارة و قيودٍ عدميّة مثل لبس غير المأكول. فكما أن الأجزاء مأمورٌ بها بالأمر الضمني كذلك تقيّد الصلاة بوجود الشروط و بعدم الموانع مأمور به بالأمرالضمني؛ لأنّ التقيّد بنفسه داخل في المأمور به و إن كان القيد خارجا؛ إلاّ أن التقيد ليس له بنفسه خارجية و ما بإزاء حتي يتعلق به الطلب بل الطلب يرجع إلي القيد فالقيد مأمورٌ به لذلك ففي الشروط تعلق الطلب بإيجادها و في الموانع تعلق الطلب بتركها و هو معني النهي علي ما فسّر من أنه طلب الترك فالموانع منهيّ عنها و حرام حقيقة. ففيما إذا شك في أن هذا شيء من أفراد المانع أم لا كان داخلاً في عموم كل شيءٍ فيه حلال و حرام…؛ لكونه جاريا في الشبهات الموضوعيّة و كون المرادِ بالحرام هو المنهي عنه.

فإن قلت: المراد بالحرام في الرواية هو المنهي عنه استقلالاً لاضمنا فلا يشمل ما نحن فيه.

قلنا: ليس له ظهور في ذلك بل المراد منه المنهي عنه أيضا، استقلالاً كان أو ضمنا و أيضا ليس المرادُ منه خصوص ما كان الفعل مبغوضا بنفسه؛ بل يعمّ ما كان مبغوضيّته لأجل كونه مانعا عن المأمور به فيكون غير المأكول منهيا عنه و حراما بهذا الاعتبار ففي موارد الشك في كون اللباس من غير المأكول يجري أصالة الإباحة التي هي مفاد «كل شيء فيه حلال و حرام…»؛ لأن اللباس قسم منه حلال كالقطن و قسم منه حرام كغير المأكول و استناد الحرمة إليه باعتبار كون لبسه في حال الصلاة محرّما مثل أن يقال: الخمر حرام بمعني أنّ شربه حرام.

هذا ملخّص ما أُفيد في المقام و ظهر منه أن الموانع داخل في الحرام التكليفي و منهيّ عنه حقيقة من جهة تعلق الطلب الضمني بتركه.

و فيه أن النهي عبارة عن الزجر عن الفعل لاطلب ترك الفعل. فحقيقته مخالفة لحقيقة الأمر ولذا يكون للأمر امتثال واحد أو مخالفة واحدة؛ إذ هو طلب إيجاد الماهيّة فإذا وجدت حصل الامتثال و إذا لم يوجد حصل المخالفة؛ بخلاف النهي فإنه يمكن أن يفرض له مخالفات عديدة؛ كما يفرض له امتثالات عديدة و قد ذكرناه مفصّلاً في البراءة العقلية و الأمر المتعلّق بمركب متقيدا بوجود شيءٍ و متقيدا بعدم شيءٍ أمرٌ واحد لكنّه يمكن مخالفته بعدم إتيان شيءٍ من المركب رأسا و بعدم إتيان بعض الأجزاء و بعدم إتيان بعض التقيدات الملاحظ مع الأجزاء من

غير أن يتفاوت في صدق ترك المأمور به علي واحد منها. فمن ترك أصل الصلاة يقال: ترك المأمورَ به و من ترك تقيدها بعدم الموانع بأن أتاها في شيءٍ من الموانع يقال أيضا: تركَ المأمورَ به؛ من غير فرق بينهما في صدق ترك المأمور به؛ لأن ترك المركب يتحقق بترك أحد أجزاءه أيضا و العقاب عليهما أيضا واحد فالموانع ليست منهيا عنها و حراما حتي يشملَه عمومُ الحديث؛ لأن المراد بالحرام بمعناه الظاهر ما كان مزجورا عنه و مبغوضا و الموانع ليست كذلك ؛ إذ لم يتعلق بها الزجر والمنع؛ إذ من صلّي في شيءٍ من الموانع لايعاقب علي إتيان المزجور عنه بل يعاقب علي ترك الصلاة المأمور بها بترك التّقيد المأمور به. فلا يكون الموانع مبغوضا و مزجورا عنه لا استقلالا و لاضمنا؛ لا لنفسه و لا لمانعيّته للمأموربه.

نعم، لا يبعد صحة التقرير الثاني و هو بأن يقال: المراد بالحرام ليس خصوصَ ما كان مبغوضا و منهيا عنه، فإنه كما يستفاد من مشتقات لفظ «حرم» ماكان له محدوديّةٌ بحيث لم يكن مثلَ سائر الأشياء في كونها مطلقة و مرسلة مثلا كلمة «الحريم» يقال لحصة من المكان يختص بصاحب الدار و البئرو القرية و نحوها بحيث منع الناس من جميع التصرفات فيه مثل سائر الأمكنة و «حرم الرجل» ما كان له جهة خصوصية و احترام بالنسبة إلي هذا الرجل لوجوب حفظه عليه و منع غيره فجَعَل له حدا بالنسبة إلي غيره و «حَرمُ البيت» أيضا بهذا الاعتبار؛ فإن الأعراب جعلوا له حدا و احتراما و منعوا من القتال فيه و هكذا أشهر الحُرم. قال النبي9: «المسلم محرم عن المسلم»(21) يعني يجب عليه المحافظة بالنسبة إليه و يقال أيضا: «الإنسان محروم» في قبال «مرزوق» إذا منع من إرسال الرزق إليه و الحرام في المحرّمات التكليفية أيضا لوحظ فيه هذا المعني؛ فإنّ كون الخمر مثلاً حراما باعتبار أن الشارع جعلها محدودة بمنع منه و جعلها حمي له؛ فالناس في سعة من الأشياء يجوز لهم التصرف فيها. فإذا بلغوا الخمر فكأنّ بينهم حاجبا يمنعهم من التصرف فيها.

و بالجملة، بعد ملاحظة موارد استعمالات مايشتق من مادة «حرم» و أن في جميعها جهةً جامعةً يستكشف أن الحرام في الرواية أعم مما كان مبغوضا و منهيا عنه و يشمل الحرام الوضعي، خصوصا مع ملاحظة إطلاق الحلية و الحرمة و عدم الجواز في الأخبار علي المعني الوضعي مثل قوله(ع): «فحرم علي الرجال لبسه و الصلاة فيه»(22) و قوله(ع): «لا تحل الصلاة في حرير

محض»(23) و غيرهما من سائر الأخبار. فعلي هذا يتمّ التقرير الثاني ويصح كلام المحقق القمّي حيث قال:

فكما يتمسك «بكل شيءٍ فيه حلال و حرام …» في موارد الشك في أن هذا المايع خمر أو شيء آخر فيحكم بحلّيته، كذلك يتمسّك به فيما إذا شك في أن هذا اللباس من غير المأكول أم لا.

إذ بهذا الاعتبار لامانع من أن يكون بعضُ الألبسة حراما و الشارع منع لبسه في الصلاة لأجل كونه مبطلا لها و هي الحرمة الوضعية؛ كما يكون بعضها حراما لكونه مبغوضا و هي الحرمة التكليفية و الجامع بين الحرمتين مايسمّي في الفارسية ب··«جلوگيري» و هو جعل الحد لشيءٍ، فكأنه جعل بينه و بين الإنسان حاجبا يمنعهم من جميع التصرفات مثل التصرف في سائر المباحات. و كون الحرام التكليفي ممّا يستحق فاعله العقاب لايقتضي أن يكون إطلاق الحرام عليه بلحاظ هذه الخصوصيّة.

كلام المحقق النائيني

قال بعض الأعلام(24): الحكم المتعلق بشيءٍ علي أربعة أقسام:

الأوّل: الحكم المتعلق بفعل اختياري ليس له موضوعٌ خارجي؛ مثل «لاتضحك» و «لاتبك».

الثاني: الحكم المتعلق بفعل متعلّقٌ بموضوع شخصي؛ مثل «توجّه إلي القبلة و لاتستقبلها و لا تستدبرها» حيث إنّ موضوعَها نفسُ الموضوع الشخصي و هو القبلة.

الثالث: الحكم المتعلّق بفعل متعلّق بالطبيعة و لكنه لم يجعل مرآة لأفراده؛ مثل «توضأ بالماء».

الرابع: أن يكون الموضوع ـ و هو متعلق الفعل في اصطلاحه ـ كليا طبيعيا جعل مرآة بجميع أفراده؛ مثل «لاتشرب الخمر».

و الحكم المتعلق بالفعل في القسم الرابع منحلّ بعدد أفراد الموضوع إلي أحكام عديدة و كل فرد من الموضوع يكون محكوما بحكم علي حده. ففي ما إذا علم بأن هذا الموجود الخارجيَّ مصداق للطبيعي يكون الحكم معلوما و فيما كان مشكوكا بمصداقيّته يجري البراءة العقليّة؛ للشك في الحكم.

بيانه أن النهي عن شيءٍ في هذا القسم راجع إلي القضية الحقيقيّة. فقوله: «لاتشرب الخمر» معناه أن الخمر حرام شربها و القضيّة الحقيقيّة علي ما ذكره المنطقيون منحلّ إلي قضيّة شرطيّة مقدّمُها عقد الوضع و تاليها عقد الحمل. فمعناها: كلّما لو وجد كان خمرا فهو بحيث لو وجد يحرم شربه. و هذه القضيّة كماتري كليّة رتب فيها أحكام كثيرة علي موضوعات كثيرة و لكن لما كان جعل الحكم لكل فرد بجعل علي حده غير وجيه رتّب المولي حكما كليا علي الطبيعي و جعل مرآة لأفراده و يظهر من القضية الشرطية أن وجود الخمر شرط لثبوت الحكم و لكنّه قبل وجود الخمر حكم شأنيّ و ليس في البين إلاّ إنشاء الحكم و فعليته متوقّفة علي العلم بأصل الحكم، و العلم بوجود شرطه وهو أصل وجود الموضوع و حينئذٍ لوشك في أنّ هذا الشيء خمرٌ أولا، شك في وجود شرط الحكم وعدم العلم بوجود شرطه مانع عن فعليّته و إن كان العلم بأصل الحكم موجودا. فالمناسب أن يقال: العلم بوجود الخمر مقدمة للتكليف لامقدّمة علمية؛ كما ذكره الشيخ.

هذا ملخّص كلامه و فيه أوّلا، أنّ النهي و إن عرّف بأنه طلب ترك الفعل إلاّ أن التحقيق أنه الزجر عن الفعل و هو بالنسبة إلي الخارج مثل من يريد القصد إلي شيءٍ فيؤخذ بثيابه و بدنه و يمنع من الإقدام فيه تكونيا بخلاف الأمر؛ إذ هو البعث إلي ماهية الفعل و هو مثل إذهاب المكلّف خارجا إلي المأمور به فسنخ النهي مباين لسنخ الأمرولذا يسقط الأمر بصرف إتيان الفعل مرّة واحدة؛ لأن المطلوب فيه ليس إلاّ إيجاد الماهيّة و هو يحصل بإيجاده مرّة و أما النهي فهو الزجر والمنع عن إيجاد الماهية و لا بدّ في امتثاله من ترك جميع الأ فراد؛ لأنّ كل فرد وجد من الماهية كان متعلقا للنهي ثم بعد الإتيان به أوّلاً كان الزجر عن الماهية أيضا موجودا فلو أتي به ثانيا كان أيضا متعلقا للنهي و هكذا فكل ما وجد من الماهية كان مزجورا عنه و إن أتي به ألف مرّة و في كل واحد يستحق عقابا مستقلاًّ.

فظهر أنّ ما قيل مِن أنّ النهي يسقط بالعصيان، غير صحيح ؛ لأنه متعلّق بأصل الماهية و كل فرد وجد فقد وجد الماهية و فيما لا يبقي بعد العصيان نهي ليس لأجل إسقاط العصيان بل لأجل فوات المحلّ ومضيّ الوقت و لازم القول بأن النهي طلب ترك الفعل سقوطُه بعد العصيان و عدم الفرق بين من ارتكب المنهيَّ عنه مرّة و بين من ارتكبه مرّات مع ضرورة فساده.

فظهر بما ذكرنا أنّ تعدّد العقوبات بعدد المخالفات ليس لأجل انحلال النهي بل لأجل بقاءه علي حاله بعد الإتيان بالفعل و هذا لافرق بين الصورة الرابعة و غيرها؛ مثلاً «لاتبك» زجر عن إيجاد طبيعة البكاء فلو خالف و بكي استحقّ عقابا و كان النهي علي حالة؛ فلو بكي ثانيا استحق عقابا آخر و هكذا و مثله القسمان الآخران. نعم، طلب الترك مفهوم انتزاعيّ للنهي و ليس

حقيقةٌ له.

و ثانيا، أن وجود الخمر ليس شرطا للتكليف؛ لأن شرط التكليف ما يكون دخيلاً في ترتب الحكم علي موضوعه و قولُ المنطقيين لايجعل القضية شرطية بل لايحتاج في فهم المراد من «لاتشرب الخمر» إلي إرجاعه إلي قضية حقيقيّة ثم تحليلِها إلي الشرطية.

نعم، الحكم يحتاج إلي الموضوع و مترتب عليه لكنّه ليس من الشرطية في شيءٍ ولو جعل القضية شرطية كان الأولي جعل الشرط هو إرادة المكلف و التفاته و ميله إلي الفعل المنهيِّ عنه؛ لأن النهي ـ كما عرفت ـ هو الزجر عن الفعل و هذا متصور فيما كان المكلف ملتفتا إليه و مريدا للفعل؛ إذ مالم يكن كذلك كان بنفسه مزجورا عنه لايحتاج إلي زجر آخر. و هذا أيضا ممنوع؛ لأن كونَ المكلف منزجرا عن شيءٍ و تاركا له بنفسه ـ لأجل عدم الالتفات أو عدم الميل ـ لايقتضي كونَ الحكم المتوجهِ إليه مشروطا بالتفاته و ميله و إرادته بأن يكون ثبوت الحكم بعد وجودها بل المولي وجّه الحكم نحو العبد مطلقا ليكون مانعا عنه إذا مال إليه و أراده؛ كما هو واضح. نعم، لوالتفت المكلّف إلي الفعل و أراده لكنه تركه من جهة النهي يستحقّ ثوابا و في المرّة الثانية و الثالثة لو تركه أيضا يستحق ثوابا آخر و هكذا.

و ثالثا، نقول: علي هذا أيضا لايجري البراءة و لا مدخليّة للعلم بوجود الموضوع في فعلية الحكم؛ لعدم حكم العقل بقبح عقاب من ارتكبه‏مترّددا فيه. فإن الاحتمال في هذا المورد منجّز ووجهه يظهر بالمراجعة إلي الوجدان إذ لم يكن مفهومُ قبح العقابِ بلابيان موردَ النّص حتي يتكلف في إدخال هذا المورد في مفهومه بل اللازم تحصيل حكم العقل و تحصيل موضوعه. فما كان بيانه وظيفةَ المولي فالعقل يحكم بالبراءة قطعا و أمّا ما لم يكن بيانه وظيفةَ المولي مع ملاحظة أن الحكم يتعلق بالواقع و أفرادَه الواقعية مرادةٌ له و مزجور عنها فمع قطع النظر عن توسعة الشارع لايجري البراءة عقلا و لم يكن محيص إلاّ الاحتياط و قدمرّ مفصّلاً.

ثم البحث عن جريان البراءة العقلية فيما نحن فيه لايكون إلاّ بعد البحث عن جريان البراءة في الأقل و الأكثر الارتباطيين بالنسبة إلي الشبهات الحكمية بعد فرض جريانها في الشبهات الحكمية من التكاليف الاستقلالية فاللازم صرف الكلام إليه.

فنقول: الأمر المتعلق بالمركّبات الاعتباريّة أمر واحد تعلق بشيءٍ له أجزاء و شرائط. فلو شك في أن هذا الأمرَ الواحد تعلق بمركب له تسعة أجزاء مثلاً أو عشرة فهل يجري البراءة العقليّة بالنسبة إلي الجزء الزائد أم لا؟

و معني الأقلّ والأكثر الارتباطيّين المركب الذي أجزاءه مرتبط بحيث لوأتي المكلف ببعضه دون بعض ولو كان واحدا منها ليس ممتثلاً للأمر و لم يكن آتيا بالمأمور به أصلاً؛ لأن المركب ـ

كما قيل ـ ينتفي بانتفاء أحد الجزئين علي سبيل منع الخلوّ فنقيضه انتفاء أحدهما و هذا كما يكون في الأجزاء يكون في الشرائط و الموانع أيضا ؛ لأن تقيّد المركب بكونه مع شيءٍ أو مع عدم شيء داخلٌ فيه و ملاحظٌ مع الأجزاء. فكما أن الأمر الواحد يتعلّق بالأجزاء كذلك يتعلق بالتقيّد و إن كان نفس القيد خارجا؛ وجوديا كان القيد حتي يكون شرطا أو عدميّا حتي يكون وجوده مانعا و أقوي أدلة القائلين بوجوب الاحتياط هو أن بعض الأجزاء معلوم الوجوب قطعا و العقل يحكم بوجوب إتيانها صحيحة و هو لايحصل إلاّ بإتيان جميع ما يحتمل كونه جزءً أو شرطا؛ إذ المفروض أن الأجزاء ارتباطيّة لايفيد إتيان بعضها إلاّ بضميمة إتيان البعض الآخر.

و استدل الشيخ(25) علي البراءة بانحلال العلم الإجمالي إلي علم تفصيلي و شكٍ بدويٍّ؛ لأنه لو علم بأنه الواجب إما الأقل أو الأكثر يعلم بالضرورة بأنّ الأقلّ واجبٌ علي كل حال؛ غاية الأمر لو كان الأمر متوجها إليه بنفسه كان وجوبه نفسيا ولو كان متوجها إلي الأكثر كان وجوبه غيريّا مقدميّا؛ لأن الواجب حينئذٍ هو الأكثر و أما الجزء الزائد فلكونه مشكوكَ الوجوب يحكم العقل بقبح العقاب علي ترك الأمر المستند بترك الجزء الزائد. انتهي ملخّصا.

هذا، و لكن وجوب الأجزاء ليس وجوبا مقدّميّا غيريّا بل وجوبها وجوبٌ نفسي في ضمن الأمر بالكل و لازم القول بأن وجوبها مقدميّ أنه لو كان الواجب في الواقع هو الأكثر و المكلّف ترك الأجزاء المعلومة لايعاقب أصلاً؛ إذ الأمر المتعلّق بالأكثر غير منجّز؛ للشك في بعض أجزاءه و الأمر المتعلق بالأقلّ أمر غيريّ و هو لا يوجب تركه عقابا.(26)

فالتحقيق أن يقال: إن الأمر الواحد المتعلق بالمركب منبسط علي الأجزاء و كل واحدٍ منها تحت بعض الأمر ومأمور به بالأمر الضمني. فلو شك في أن الأمر واقع علي تسعة أجزاء أو عشرة فلا مانع من أن يكون العلم بالبعض منجّزا بالنسبة إليه و تركُه بترك هذه الأجزاء المعلومة موجبا لاستحقاق العقاب عليه و الجهل بالبعض الآخر مانعا عن تنجّز الأمر بالنسبة إلي هذا الجزء لحكم العقل.

و علي هذا التقرير لا يكون وجوب الأجزاء غيريا مقدميّا بل وجوبا ضمنيّا.

هذا في الشبهات الحكمية في الأجزاء والشروط و أمّا في الشبهات الموضوعية من الأقلّ و الأكثر مثل هذه المسألة بعد فرض جريان البراءة فيها من التكاليف الاستقلاليّة فقيل بجريانها هنا أيضا بأن يقال في هذه المسألة التي نبحث عنها: القيد للصلاة يمكن أن يعتبر نعتا عدميّا

مساوقا لمحمول المعدولة بأن يكون اتصافُ الصلاةِ بعدم كونها في غير المأكول قيدا لها و شرطا فيها و علي هذا لايجري البراءة العقلية؛ لأن الشرط أمر مبيّن ولكن لم يعلم أنه حاصل أم لا فالشك في كون اللباس من غير ما لايؤكل لحمه شكٌ في محصّل الشرط و موردُه الاحتياط.

و يمكن أن يعتبر القيد عدمَ كون اللباس من غير المأكول علي نحو السلب المحصّل. و هذا علي قسمين: أحدهما أن يكون طبيعةُ غير المأكول بجميع وجوداته مانعا واحدا؛ فعدم الطبيعة حينئذ شرط واحد. الثاني أن يكون كل وجوداته مانعا مستقلاّ.

و لازم الأول أنه لو اضطرّ إلي لبس غير المأكول يجوز له الزيادة علي مايرفع به الاضطرار؛ إذ لو كان المانع واحدا كان مرفوعا عمّن اضطرّ إليه.

و بعد تبيّن هذه الأقسام الثلاثة نقول: أمّا القسم الأوّل فباطل؛ لكونه مخالفا لظاهر الدليل؛ مثل «لاتصلّ في ما لايؤكل» و «لاتجوز الصلاة فيما لا يؤكل» الظاهرِ في مانعيّة غير المأكول للصلاة. و أمّا القسم الثاني فالثاني منه هو المتعيّن؛ لان الظاهر من الدليل أنّ كل فرد من غير المأكول يلاحظ كونه مانعا مستقلاً للصلاة فإذا كان الأمر كذلك كان عدم كل واحدٍ قيدا علي حده بمقتضي الانحلال فالصلاة متقيّدة بعدم هذا و عدم هذا إلي تمام الأفراد.

فبعد بيان المقدمتين ـ أي البراءة العقلية في الشبهات الموضوعية و البراءة العقلية في التكاليف الضمنيّة ـ يتّضح وجه جريان البراءة هنا. فإن تقيّد الصلاة بعدم هذا المعلوم مسلّم أما تقيّدها بعدم هذا المشكوك غير معلوم؛ فالمرجع البراءة عن العقاب علي ترك الصلاة المستند إلي فعل المشكوك المانعيّة و لازمه صحّة ما أتي به ظاهرا.

هذا ملخّص ما أفاده بعض الأعلام في وجه جريان البراءة هنا(27) و قال في ضمن كلامه في بيان القسم الثاني من الأقسام الثلاثة ما هذا لفظه:

فيمكن أن يكون نفس السلب الكلّي ـ بوحدته الشاملة لمجموع(28) وجودات الموضوع ـ قيدا

واحدا… .(29)

فنقول فيه: لو كان المانع جميع وجودات الموضوع مع أنه يلزم أن لا يتحقق المانع أصلاً ـ إذ لايوجد جميع وجودات الطبيعة ـ يلزم أيضا أن يكون لبس غير المأكول فاقدا للشرط المنتزع من المانع و فاقدا للمانع؛ لأن الشرط هو السلب الكلي و هو غير متحقق و المانع جميع الوجودات و هو أيضا غير متحقق.

فلو كان المانع جميعَ الوجودات لايمكن أن يكون القيد السلب الكلي لأن نقيضَ الموجبة الكلية السالبةُ الجزئية فالشرط علي هذا عدم بعض الأفراد. ولو كان المانع كلَ فردٍ كان الشرط الذي هو نقيضه السلب الكلّي و هذا بعكس القيود الوجودية فإنّ الشرط فيها وجود فردٍ ما من الطهارة و المبطل عدم طبيعة الطهارة. فشرطية وجود فرد مّا أو مانعيّته و مانعيّة السلب الكلي أو شرطيته إمّا شيء واحد حقيقة و الاختلاف في التعبير و إماشيئان متلازمان. فالدّال علي أحدهما دال علي الآخر. فلو دلّ الدليل علي أنّ كل فرد مانعٌ مستقل يلزم دلالته علي أن الشرط الذي هو عدم المانع و أخذ التقيّد به في المأمور به هو السلب الكلي و عدم الطبيعة فهو شرط واحد.

و بالرجوع إلي الأدلة مثل قوله7: «فالصلاة في وبره و شعره و جلده و بوله و روثه و كل شيءٍ منه فاسد»(30) يظهر أن كل فرد من أجزاء غير المأكول مانع مستقل و نقيضه الذي هو شرط عدم كل الأفراد و هو أمر واحد لاتعدّد فيه و لايمكن أن يقال: عدم هذا شرط و عدم هذا شرط آخر؛ إذ الشرط هو السلب الكلّي و هو أمر واحد لايتحقق إلاّ بانعدام جميع الوجودات و أمّا قضية أنه لو اضطر إلي لبس بعض أفراد غير المأكول فلايجوز الزيادة علي ما اضطرّ إليه فهي لأجل أنّ الاعتبار بالمانع. وحيث كان المانع كلَ واحدٍ من الأفراد فالاضطرار يرفع مانعيّةَ ما اضطرّ إليه دون غيره. فعدم جواز الزيادة موافق للقاعدة؛ لأن عدم الطبيعة في طرف الشرط و إن كان واحدا إلاّ أن وجود الطبيعة في طرف المانع متعدّد. و لذا نقول: لولبس الثوبين من غير المأكول كان المانع عن صحة الصلاة هو المجموع؛ بمعني أن كل واحد منهما يؤثر أثره.

ثم لايخفي أن هذا الاستدلال علي تقدير القول بأنّ الشرائط و الموانع شرعية و أمّا علي ما ذهب إليه صاحب الكفاية(31) ـ من أنها شروط واقعية دخيلة في انطباق عنوان الصلاة علي

الأجزاء لكن حيث لايصل إليها فَهمُ المكلف كشف عنها الشارع بصورة الأمر و النهي ـ فليس لهذا الاستدلال مجال.

إلي هنا انتهي ما أفاده أُستادنا الأعظم آية‏اللّه‏ العظمي البروجردي1 في مسألة الصلاة في اللباس المشكوك و قد راجعته أخيرا لتصحيح بعض الكلمات الصادرة سهوا فتمت المراجعة في الجملة عصر يوم الجمعة ثالث جمادي الأُولي سنة ألف و أربعمأة وإحدي وعشرين في بلدة جهرم والحمدلله أولاً و آخرا وأنا المقرّر الفقير عبدالرسول شريعتمداري الجهرمي عفي عنه.

………………………………………………………………………………….

1. ويراستاري اين مقاله توسط آقاي سيّد حسن فاطمي انجام شده است.

2. راجع: السيّد محمد الموسوي العاملي،مدارک الاحکام، ط. مؤسسة آل البيت، ج 2، ص 385 ـ 388 و ج3، ص 158 و 167.

3. الميرزا محمد تقي الشيرازي و يستفاد فتواه بذلك من حاشيته علي رسالة للشيخ زين‏العابدين المازندراني.

4. جاء في، ط. الحجري، ص 58:

 سؤال: [در مورد] ماهوت… در اين زمان بعضي شبهه در ميان انداخته‏اند كه احتمال قاتي كردن بعضي از اجزاء غير مأكول اللحم در ماهوت مي‏رود و به محض الغاء اين شبهه آيا در نماز احتراز و اجتناب لازم است يا نه؟

جواب: لازم نيست، اگر يقين به اين كه اجزاء غير مأكول اللحم در آن نيست داشته باشد و الاّ محل تأمّل است …

5. راجع: العلاّمة الحلّي،مختلف الشیعة، ط. مكتب الإعلام الإسلامي، ج 2، ص 95.

6. الشيخ الحرّ العاملي، وسائل الشیعة، ط. مؤسسة آل‏البيت، ج 4، ص 347.

7. راجع: جماعة المدرسین، ط. جماعة المدرسين، ص 413-416.

8. راجع: مدارک الاحکام، ج 2، ص 385 ـ 388.

9 . إلي هنا كلام المقرّر و بعده للأُستاد.

10. وسائل الشیعة، ج 17، ص 88.

11. فرائد الاصول، ط. الحجري، ص 193.

12. فرائد الاصول، ص 220.

13. راجع: کفایة الاصول، ص 402 و 403.

14. راجع: وسائل الشیعة، ج 4، ص 347.

15. راجع: المصدر السابق، ج 4، ص 345.

16. المصدر السابق، ج 4، ص 353.

17. وسائل الشیعة، ج 17، ص 88.

18. المصدر السابق، ج 17، ص 89.

19 . راجع: غنائم الأیام، ط. الحجري، ص595.

20. کفایة الأصول، ص 417.

21 . الصواب: حرام علي المسلم. رواه في الكافي، باب «المؤمن و علاماته» من كتاب الإيمان، عن أبيجعفر7 و فيه أيضا عن رسول‏اللّه‏9: المؤمن حرام علي المؤمن و زاد فيهما: أن يظلمه أو يخذله أو… .

22. وسائل الشیعة، ج 4، ص 414.

23. المصدر السابق، ج 4، ص 368. و رواه أيضا في ص377 في حديث آخر و زاد عليه: و إن كان الوبر ـ أي وبر ما لايؤكل لحمه إن كان علي قلنسوة أو تكة ـ ذكيا حلّت الصلاة فيه وهذا و إن كان محمولاً علي التقيّة عند بعض الأصحاب لكنّه شاهد في الجملة علي المقام أيضا.

24. راجع: ، محمدحسين الغروي النائيني، ط. مؤسسة آل‏البيت لإحياء التراث، ص189 و ما بعدها.

25. فرائد الأصول، ص 273.

26. أقول: ما ذكره1 في مقام الجواب عن هذا الإشكال من أنّ الأمر بالنسبة إلي هذا منجّز و بالنسبة إلي هذا غير منجّز فهو يتمّ علي مذهب الأُستاد ـ دام ظله ـ كما سيجيء علي القول بأنّ الأجزاء وجوبها مقدميّ.

27. راجع: المصدر السابق، ص 268 و ما بعدها للمحقق النائيني.

28. أقول: يمكن أن يكون المراد من مجموع الوجودات صرفَ وجود الطبيعة بحيث يصدق علي أحد الأفراد أو أكثر بأن يعدّ أصل وجود الطبيعة ـ واحدا كان أو أكثر ـ مانعا واحدا لاكل فرد مانع علي حده. بل الأظهر أن يقال: إن مراده أن نفسَ السلب الكلّيبوحدته الشاملة لسلب مجموع الوجودات مانعٌ واحدٌ؛ كما هو الأنسب بسياق كلامه لا أن يكون مرادُه أنّ نفسَ السلب الكلي الواحد شرط و مجموع الوجودات أو صرفُ الوجود علي ما ذكر آنفا مانع؛ كما يظهر من إشكالاته ـ دام ظله ـ أنه حمل الكلام علي هذا المعني.

 فعلي هذا لايرد عليه الإشكالان الأوّلان. نعم، الإشكال الأخير ـ و هو العمدة أي ظهور الدليل في مانَعية كل فرد مستقلاً و استلزامه لشرطية سلب الكلي ـ باق و أيضا قد تكرر منه ـ دام ظله. أن مانعية شيء منتزع من الأمر الواقع علي التقيد بعدم هذا الشيء بأن يكون التقيد داخلاً في الأجزاء و القيدُخارجا و حينئذ لو اضطرّ إلي مانع من الموانع يكون مانعيّته مرفوعا بحكم رفع ما اضطروا إليه و رفعها برفع منشأ انتزاعه و هو التقيد فيكون التقيد مرفوعا و المفروض أنه أمر واحد لا تعدّد فيه فيلزم من رفعه جواز الصلاة في الزيادة عمّا اضطرّ إليه.

29. راجع: المصدر السابق، ص 269.

30. وسائل الشیعة، ج 4، ص 345.

31. کفایة الأصول، ص 417.

 

 

 

پاسخی بگذارید